إيتان هابر ــ يديعوت أحرونوت
منذ يومين تقريباً وأنا أنتظر إعلاناً رسمياً من مكتب رئيس الحكومة، ووزير الدفاع أو رئيس هيئة الأركان، يفيد أن الخبر الذي نشر في نهاية الأسبوع في «معاريف»، هو خبر كاذب جملة وتفصيلاً، وأنه لم يكن، لا يمكن أن يكون، وهو غير ممكن.
بحسب ذلك الخبر، فإن الهجوم الليلي على قاعدة حزب الله في بعلبك، في البقاع اللبناني، كان يهدف إلى رفع المعنويات (معنويات من؟ الحكومة؟ أو الجيش؟ أو السكان المدنيين؟) وبكلمات أخرى: عرّض مئتا جندي اسرائيلي حياتهم للخطر ــ هكذا حقاً! ــ في قلب الظلام، على بعد عشرات الكيلومترات من البيت، من أجل «رفع المعنويات» فقط.
لا، لا، لا يمكن أن يكون. ماذا كان سيحدث لو أُسقطت المروحيات وقُتل نحو مئتي جندي من أبنائنا؟ ماذا كان سيكون وضع المعنويات آنذاك؟ واذا وُجد شيء من الحقيقة في هذا الخبر، فإنه لا حق لهذه الحكومة الراهنة بالوجود لحظة واحدة، ويجب عليها كلها «أن تطير» فوراً.
يجب أن يشكل أمن الدولة القلق الأول لكل رئيس حكومة، وكل وزير دفاع، وكل رئيس أركان وكل وزير في الحكومة، لكن يجب أن يكون تأمين حياة الإنسان أيضاً مصدر قلق لهم. يجب على كل رئيس حكومة وكل وزير أن يعتبر أن كل جندي وجندية في القوات النظامية وفي الاحتياط، كأبنائهم وبناتهم، وأن يسألوا هل المهمة ضرورية جداً بحيث كانوا سيرسلون أبناءهم الى الخطر لمواجهة الموت.
لا أستطيع سوى الإتيان بمثال قريب مني، من فترة إسحق رابين، خلال الإعداد لاختطاف مصطفى ديراني، إذ أُرسل 82 جندياً الى العمق اللبناني، الى قلب الخطر، للحصول على معلومة عن رون أراد.
لهذه الغاية ها هو عدد من السطور من كتاب رئيس «أمان» آنذاك، اللواء أوري ساغي: «في زمن التخطيط سألنا أنفسنا هل نملك القدرة على تنفيذ عملية معقدة الى هذا الحد.. لم أحسده للحظة (رابين) لأنه في آخر الأمر هو الذي كان يجب أن يُجيز العملية. رابين، كعادته، بحث وطلب وسأل عدداً لا حصر له من الأسئلة قبل أن يتخذ القرار.. قلب رابين حجراً بعد حجر ليكون مقتنعاً بأن المخاطرة التي يتحملها مخاطرة محسوبة...»
«قبل موعد الاقلاع بنحو نصف ساعة استُدعيت بذعر الى بيته (رابين).. كانت المروحيات قد بدأت تشغيل المحركات، فما الذي بقي للحديث عنه بالضبط في هذا التوقيت؟.. بدأ (رابين) يكرر الاسئلة نفسها التي دارت حول العملية، وكأننا لم نلتق أبداً خلال نصف سنة من استعدادنا لها. سأل مرة أخرى عن شكل التنفيذ.. لم يتنازل رابين، واستمر في طرح الاسئلة التي أثقلت عليه».
أنا أطلب: قولوا لي أن هذا ما حصل قبل إرسال الجنود المئتين الى بعلبك. ماذا يمكن أن يكون عليه الوضع لو لم يحدث هذا؟