strong>“تجميد” مفاوضات تشكيل الحكومة يحيي الاحتجاجات المطلبية غزة ــ رائد لافي

صعّد الموظفون الحكوميون المحسوبون على حركة “فتح” أمس احتجاجاتهم المطلبية، مع “تجميد” مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، إلى حد منع رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية من دخول قاعة المجلس التشريعي في مدينة غزة، في وقت سرّبت مصادر إسرائيلية معلومات عن تحذير أميركي للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) من “مغامرة حكومة الوحدة الوطنية”.
واضطرت رئاسة المجلس التشريعي، تحت ضغط “الفوضى الأمنية” التي مارسها نحو مئتي موظف حكومي داخل باحة المجلس، إلى تعليق الجلسة الطارئة “الفتحاوية الطلب”، لاستجواب هنية شخصياً.
ووفقاً لشهود عيان، فإن “نحو مئتي موظف تظاهروا في محيط المجلس التشريعي وداخل باحته، واندفعوا بغضب في اتجاه موكب هنية ومنعوه من دخول قاعة المجلس، وهو ما دفع حراس الموكب إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق المتظاهرين”.
وسادت حالة من الجدل والفوضى الأمنية في أرجاء المكان لنصف ساعة تقريباً، كان الرصاص حينها سيد الموقف، وهو ما أدى إلى إصابة إحدى المتظاهرات بجروح وصفت بالمتوسطة، وفقاً لمصادر طبية فلسطينية.
في المقابل، احتجت كتلة حركة فتح البرلمانية على ما وصفته بـ “قمع حق الموظفين في التعبير عن آرائهم”، ولجأت إلى تعليق مشاركتها في الجلسة.
وفي هذه الأثناء، كشفت مصادر صحافية محلية، عن محددات البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية، في وثيقة نسبتها إلى مصادر سياسية مطلعة، قالت إن حركة حماس “قبلت اعتبار منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، والاعتراف بالمبادرة العربية التي تبناها مؤتمر القمة العربية في بيروت للعام 2002، وقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية كأساس لخطة سياسية فلسطينية تساعد على تحقيق الأهداف الوطنية”.
إلا أن مصادر مطلعة في حماس، رفضت الكشف عن نفسها، نفت لـ “الأخبار”، دقة الوثيقة، مشيرة إلى أن الاتفاق “لم يتضمن اعترافاً بإسرائيل أو التزاماً بالاتفاقات السياسية الموقعة معها”. وأضافت أن “النص المتعلق بمنظمة التحرير يشير إلى أهمية تفعيلها وإصلاحها من دون ذكر شرعية ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني، فيما ورد ذكر الشرعيتين العربية والدولية كأساس لخطة سياسية فلسطينية من دون ذكر المبادرة العربية صراحة”.
وكشفت المصادر نفسها، عن وجود “خلاف حقيقي” بين مؤسستي الرئاسة والحكومة، على تشكيل حكومة الوحدة المرتقبة، مرده إلى سببين، دفعا عباس إلى “تجميد” المشاورات مؤقتاً، أولهما إعلان هنية أن حركة حماس لم تقر بالتزامها بالاتفاقات الموقعة، والثاني إصرار الحركة على الاحتفاظ بحقيبة وزارة الداخلية.
في المقابل، قالت مصادر مقربة من الرئاسة الفلسطينية لـ “الأخبار” إن عباس رأى تصريحات هنية إحراجاً شخصياً له، وتقويضاً للجهود التي يبذلها شخصياً لتسويق حكومة الوحدة دولياً. وأضافت أن “عباس يصر على إسناد حقيبة الداخلية إلى شخصية وطنية مستقلة تحظى بقبول حركة حماس، لكنه جوبه برفض قطعي من الحركة” الراغبة في إسنادها إلى شخصية “حمساوية” لضبط الأمن الداخلي المتردي.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أمس بأن الرئيس الأميركي جورج بوش سيوضح للرئيس الفلسطيني أن واشنطن تعارض تشكيل حكومة وحدة فلسطينية. وأضافت أن القنصل الأميركي في القدس جاك والاس أبلغ عباس أثناء لقائهما في رام الله السبت الماضي بـ “أنه منذ اللحظة التي تصبح فيها شريكاً في الحكومة من دون أن تطبق هذه الحكومة شروط المجتمع الدولي، ستتلقى المعاملة ذاتها التي تتلقاها حماس منا”. وأضاف والاس أن بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس يطلبان اللقاء مع عباس لتوضيح هذا الموقف له بصورة رسمية “وتحذيره من مغامرة حكومة الوحدة الوطنية”.
ورأت مصادر إسرائيلية أن الموقف الأميركي الذي أبلغه القنصل إلى عباس كان السبب في تجميد الاتصالات لتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية “وقد أدرك عباس أنه لا يستطيع الحضور إلى واشنطن مع حكومة كهذه”.
وفي دمشق، أعلن عضو المكتب السياسي لـ “حماس” موسى أبو مرزوق، إثر اجتماع لممثلي الفصائل الفلسطينية مع رئيس الوزراء الفلسطيني السابق أحمد قريع، أنه تم التوافق على تأليف حكومة الوحدة.
وقال أبو مرزوق، بعد الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات بحضور عدد من الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في سوريا، إن “القضايا المتعلقة بتشكيل الحكومة ستكون مطروحة للحوار وسنتوصل إلى توافق بإذن الله والخلاف بين فتح وحماس هو في الموضوع السياسي وحول الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة السابقة مع لإسرائيل”. وأوضح أن “حماس ستنظر باحترام وبمسؤولية لكل الاتفاقيات الموقعة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية”.