غزة ــ رائد لافي
تضاعفت حوادث الفلتان الأمني حالة التوتر والاضطراب، التي تعيشها الساحة الفلسطينية، والمتزامنة مع حالة الجدل والتجاذب السياسي بين الفصيلين الأكبر، فتح وحماس.
المئات من ذوي ضحايا ضباط جهاز المخابرات الخمس، الذين قضوا نحبهم في عملية اغتيال نفذها مسلحون مجهولون الجمعة الماضي في مدينة غزة، خرجوا إلى الشارع في تظاهرة، وصفت بأنها رد على مسيرة نظمتها حماس دعماً لرئيس الوزارء اسماعيل هنية مساء الاثنين.
وطالب المتظاهرون مؤسستي الرئاسة والحكومة بتسليم الجناة إلى العدالة، وسط اتهامات وجّهها مسؤولون في حركة فتح إلى عناصر من حركة حماس بارتكاب الجريمة، التي لاقت استنكاراً شعبياً ورسمياً في الشارع الفلسطيني.
حركة حماس، من جهتها، نفت، في بيان أمس، بشكل قاطع مسؤوليتها عن الحادث، وردّت الاتهام إلى “بعض الأجهزة الأمنية” (الفتحاوية) بتفيذ عملية الاغتيال في إطار تصفية حسابات داخلية، رافضة الكشف عن أسماء الجناة “حفاظاً على الروح الإيجابية لتأليف حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية”.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس أسامة المزيني إن الحركة تنفي علاقتها بعملية اغتيال العميد جاد التايه، ورفاقه الأربعة، معتبراً أن “زج اسم حماس في هذه الجريمة البشعة يعني تشويه صورة الحركة”.
واتهم المزيني بعض وسائل الإعلام بتزوير الحقائق، والعمل لخدمة مصالح فئوية محددة، في إشارة إلى فتح، التي تسيطر على وسائل الإعلام الرسمية وكثير من الوسائل ذات الملكية الخاصة.
في هذا الوقت، امتد شبح الفوضى الأمنية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية إلى مقر وكالة الأنباء الفلسطينية (الرسمية)، المعروفة اختصاراً باسم “وفا”، حيث اقتحم مسلحون ملثمون مقرها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، واعتدوا بالضرب على الموظفين، وعاثوا فساداً في أرجاء المكتب، قبل أن يغادروه.
واتهم المسلحون المعتدون الوكالة، التي تتبع منظمة التحرير الفلسطينية، بعدم الحيادية، وانحيازها إلى طرف من دون آخر، في شعارات كتبت على جدران المبنى قبيل مغادرتهم له.
وسارعت حماس، المنتقدة دوماً للسياسة الإعلامية الرسمية، إلى درء الشبهة عنها باستنكار الحادث، مطالبة وزارة الداخلية الفلسطينية، التي يرأسها القيادي في الحركة سعيد صيام، بفتح تحقيق للكشف عن الجناة وتقديمهم إلى المحاكمة، داعية في الوقت نفسه إلى حرية الرأي والتعبير. وجاء “الموقف الحمساوي”، بعدما ألمحت الوكالة إلى أن المعتدين يتصفون بـ“ضيق أفق وحزبية مقيتة”، ما قد يعتبره البعض اتهاماً لحركة حماس، التي انتقدت أداء الوكالة غير مرة.
وتأخذ حالة الفلتان الأمني المستشرية في القطاع، مناحي كثيرة غير مرتبطة بالسياسة، حيث قتل فلسطينيان من عائلة واحدة وأصيب ستة آخرون في شجارين مسلحين منفصلين في كل من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وبيت حانون، شمال القطاع.
وفي رفح، اعتدت مجموعة مسلحة على مقر شركة الكهرباء، وقامت بتكسير بعض المكاتب، وتدمير أجهزة قياس الكهرباء وأجهزة الحاسوب والأثاث المكتبي، وبالاعتداء على الفنيين، من دون معرفة الأسباب.