مهدي السيد
فيما كان رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود اولمرت، يعلن لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه لا يوجد اليوم في الساحة السياسية والعسكرية في اسرائيل شخص أكبر تجربة منه في ادارة معركة على مستوى العدوان على لبنان، كانت استطلاعات الرأي في إسرائيل تقول خلاف ذلك، وتعلن أنه شخصية غير مرغوب فيها وغير كفية في إدارة الدولة، واضعة إياه في الدرك الأسفل من المكانة، التي لم يبلغ مثلها منذ انتخابه رئيساً للحكومة.
فقد أظهرت استطلاعات الرأي العام التي تجرى عادة عشية السنة العبرية الجديدة، تراجع شعبية كل من أولمرت ووزير دفاعه عمير بيرتس، ما يُحتم عليهم، بحسب صحيفة «هآرتس»، الذهاب الى البيت، فيما رأت «يديعوت» أن نتيجة الاستطلاعات توفّر لأولمرت أسباباً جيدة كي يشعر بالقلق، لأن الجمهور، كما يظهر، لا يوافقه في الراي على أنه الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد «داحف» ونشرت نتائجه صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، تبين أن 27 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن رئيس الليكود بنيامين نتنياهو هو الأنسب لرئاسة الحكومة، يليه رئيس «اسرائيل بيتنا»، اليميني المتطرف افيغدور ليبرمان (15 في المئة)، ثم وزيرة الخارجية تسيفي ليفني (14 في المئة)، ثم نائب رئيس الحكومة شمعون بيريز (12 في المئة)، يليهم في المرتبة الخامسة إيهود أولمرت الذي حظي بتأييد 7 في المئة من الإسرائيليين. أما بيرتس فقد حل آخراً محققاً نسبة تأييد بلغت واحداً في المئة.
وفي استطلاع آخر نشرته صحيفة «هآرتس»، يتبين أن نسبة الراضين عن اولمرت بلغت هذا الاسبوع 22 في المئة، في مقابل 68 في المئة غير راضين عنه. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الراضين عن اولمرت كانت 48 في المئة في استطلاع مماثل نشرت «هآرتس» نتائجه قبل ستة أسابيع، أي قبل انتهاء العدوان على لبنان.
ويُظهر استطلاع «هآرتس» أيضاً أن بيرتس يتراجع كثيراً: أعرب 14 في المئة عن رضاهم عن أدائه وزيراً للدفاع، في مقابل 79 في المئة، مع الإشارة إلى أن نسبة الراضين عن أدائه كانت في الاستطلاع السابق 37 في المئة، مقابل 51 غير راضين. وتبين المعطيات أيضاً، أن مكانة الرجلين ليست على ما يرام داخل صفوف حزبيهما، فقد تبين أن 55 في المئة من مقترعي كديما غير راضين عن اولمرت، فيما 64 في المئة من ناخبي حزب العمل غير راضين عن بيرتس.
إضافة إلى التراجع في شعبية اولمرت وبيرتس، أظهر استطلاع الرأي أيضاً تراجع شعبية حزبيهما، كديما والعمل، في مقابل تزايد شعبية الليكود، الذي سيحظى بـ24 مقعداً إذا جرت الانتخابات الآن، أي مضاعفة عدد مقاعده في الكنيست، في مقابل خسارة كديما 13 مقعداً، وحصوله فقط على 16 مقعداً؛ أما حزب العمل، فسيواصل هبوطه وتقلص قوته بحيث سيحصل على 15 مقعداً فقط في مقابل 19 مقعداً يحتفظ بها اليوم.
ومغزى هذه النتائج أنه لو جرت الانتخابات اليوم، فإن نتنياهو سينجح في تأليف حكومة تحظى بتأييد 74 عضواً من أعضاء الكنيست بالتعاون مع الحريديم واليمين والمتقاعدين، على أن يكون ليبرمان وزيراً للدفاع أو للمالية، نظراً لتعزز قوته وتوقع حصوله على 18 مقعداً، ليتقدم على حزبي العمل وكديما.
ويبيّن استطلاع الرأي أن الإسرائيليين لا يثقون كثيراً بلجنة التحقيق الحكومية برئاسة القاضي فينوغراد، كما يظهر أنهم منقسمون في رأيهم إزاء ضرورة إجراء مفاوضات مع حكومة الوحدة الفلسطينية التي تضم حماس وفتح.
يُشار إلى أن نتائج الاستطلاعات هذه تأتي في أعقاب الفشل المدوي للقيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية بتحقيق ما وعدتا به في بداية العدوان على لبنان. ويبدو أن الجمهور الإسرائيلي يُحمِّل بدرجة رئيسية، أولمرت وطاقمه السياسي، المسؤولية عمّا حصل، وخصوصاً أن تداعياتها تركت آثارها على الصعد السياسية والعسكرية والإعلامية والشعبية كافة.
فمن حرب الجنرالات، وإقدام بعضهم على الاستقالة، إلى محاولة كل طرف إبعاد المسؤولية عنه وإلقائها على الطرف الآخر، إلى الصراع المحتدم على طبيعة لجنة التحقيق لتحديد مكامن الخلل في القيادة والأداء والإعداد وتحديد المسؤولين الرئيسيين عن ذلك، إلى تبادل الاتهامات...