المعارك في الأراضي الفلسطينية باتت متشعبة، وتأخذ أكثر من شكل؛ ففيما كانت إسرائيل تمارس إرهابها في قطاع غزة، كانت حركتا “فتح” و “حماس” على بعد أمتار تخوضان معركة من نوع آخر، يتوقف على نتائجها مصير القضية الفلسطينية برمتها
غزة ــ رائد لافي

صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس عدوانها على الأراضي الفلسطينية، وخصوصاً قطاع غزة، الذي كان يشهد في هذا الوقت تصعيداً من نوع آخر بين “حماس” و “فتح”، اللتين تبادلتا الاتهام بتنفيذ اغتيالات داخلية، قام بعدها وزير الداخلية سعيد صيام بحل لجنة التحقيق في اغتيال مسؤول في الاستخباراتونفذت قوات الاحتلال أمس مجزرة في قطاع غزة، راح ضحيتها خمسة فلسطينيين؛ ففي مدينة رفح، استُشهدت الفلسطينية اعتماد أبو معمر (53 عاماً)، وقريبها محمد ( 28 عاماً)، عندما توغلت قوات الاحتلال، تدعمها الدبابات والآليات العسكرية تحت غطاء جوي من الطائرات الحربية، في قرية أم النصر شرقي المدينة، حيث أصيب أيضاً سبعة آخرون بجروح، بينهم خمسة من أسرة واحدة.
وكانت قوات الاحتلال قد توغلت لمسافة ثلاثة كيلومترات في القرية، وسط عمليات إطلاق نار كثيفة في كل الاتجاهات، وشرعت في عمليات دهم لعدد من المنازل السكنية، بهدف اعتقال القيادي في “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، الذراع العسكرية لحركة “حماس”، نظمي زعرب، لكنها فشلت في تحقيق الهدف.
وفي بلدة بيت حانون، أطلقت مروحية إسرائيلية صاروخاً واحداً على الأقل باتجاه عدد من رعاة الأغنام، أدى إلى استشهاد ثلاثة منهم على الفور، هم: سامي صقر دحروج، وشقيقه علاء، وزياد أبو راشد، فيما أصيب عدد آخر بجروح متفاوتة. في هذا الوقت، نشرت إسرائيل مناقصة ثانية لبناء عشرات البيوت الجديدة في مستوطنات بالضفة الغربية. وجاء في المناقصة أنها تشمل بناء 164 بيتاً جديداً، في مستوطنات كرني شومرون وأريئيل وألفيه منشيه.
وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس بفرض إغلاق تام على الضفة الغربية وقطاع غزة بمناسبة رأس السنة العبرية، الذي يبدأ مساء اليوم الجمعة، وفق ما أُفيد في وزارته.
وعلى وقع جرائم الاحتلال، انهمك الفلسطينيون بخلافاتهم الداخلية، وتبادُل الاتهامات بالمسؤولية عن تردي الأوضاع الأمنية الفلسطينية. وخرج وزير الداخلية والأمن الوطني سعيد صيام ليرد على نائب مدير جهاز المخابرات العامة اللواء توفيق الطيراوي، الذي اتهم أعضاء في “حماس” بالمسؤولية عن اغتيال مسؤول العلاقات الدولية في الجهاز، العميد جاد التايه، وأربعة من رفاقه، يوم الجمعة الماضي. وأضاف: “أُحمِّل وزير الداخلية سعيد صيام المسؤولية الكاملة عن عدم اعتقالهم حتى الآن للتحقيق معهم”، مشيراً إلى “أن التايه ومرافقيه الأربعة اغتيلوا على بعد 10 إلى 15 متراً من بيت رئيس الحكومة إسماعيل هنية من دون أن يطلق أي من حراس هنية أي طلقة على الجناة”.
واتهم الطيراوي وزير الداخلية “بتجاوز لجنة التحقيق في قضية اغتيال التايه، والقيام بإرسال أسماء المشتبه فيهم إلى النائب العام العسكري من دون التنسيق مع اللجنة”، مشيراً إلى أن “هذا التصرف مخالف للقانون”.
ورد صيام، على اتهامات الطيراوي، واصفاً تصريحاته بأنها “تحريض على الفتنة وقتل الأبرياء”. واتهم “جهاز المخابرات بالرغبة في الانفراد بالتحقيق منذ البداية”. وكرد فعل على المؤتمر الصحافي الذي عقده الطيراوي، وحمل فيه بشدة على صيام، أعلن الأخير “حل اللجنة المشتركة التي شكلت للتحقيق في قضية اغتيال التايه وأربعة من رفاقه، وإخراج جهاز المخابرات من هذه اللجنة وإعادة تشكيلها من الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية”. وأشار صيام إلى أن هناك جهة محددة تقف وراء عملية الاغتيال، من دون أن يسميها صراحة رغم اعترافه بوجود أسماء، صدر قرار باعتقالهم، متهماً “جهاز المخابرات بالتباطؤ في تنفيذ القرار”.
وتابع صيام: “لا أزال أقول إن هناك محاولات للتشويش على التحقيق الصحيح وعلى الفاعل الحقيقي، وسيعلم الجميع أن ما أعلن على لسان الطيرواي هو في إطار الاحتقان السياسي، إذ لا يعقل أن يخرج الطيراوي في مؤتمر صحافي منفرداً من دون التنسيق مع وزير الداخلية، وأنا أدرك أن هناك أزمة في جهاز المخابرات”.
إلى ذلك، دعت نحو 40 شخصية سياسية واقتصادية واجتماعية أمس الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى استخدام صلاحياته الدستورية لتشكيل حكومة وحدة وطنية من أجل كسر الحصار المفروض على الفلسطينيين.
واتفقت الشخصيات، خلال اجتماع عقد في مقر كتلة “فتح” البرلمانية في رام الله، على تأليف جبهة وطنية عريضة لتؤلف “معارضة فعالة في الشارع الفلسطيني”.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القدس عبد المجيد سويلم، متحدثاً باسم المجتمعين، إن الاجتماع عقد “بعد تراجع حركة حماس عن اتفاقها مع الرئيس عباس على برنامج حكومة وحدة وطنية على أساس وثيقة الأسرى”.