محمد بدير
تساؤلات إذا كانت الملك عبد الله أو الأمير بندر... والأسد «ليس شريكاً» في السلام

بذل رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت جهداً كبيراً لنفي خبر لقائه أحد المسؤولين السعوديين الكبار، مكرّراً امتداحه لـ«السياسة اللائقة» التي اتبعتها الرياض خلال العدوان على لبنان، فيما وصف الرئيس السوري بشار الأسد بأنه «ليس شريكاً» للسلام في الوقت الراهن، معتبراً أن دعواته إلى السلام ناجمة عن الضائقة التي تتعرض لها دمشق نتيجة الضغط الدولي الذي تواجهه.
وقال أولمرت في مقابلة طارئة خصصها لموقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، أمس، ردّاً على ما نشرته الصحيفة نفسها في عنوانها الرئيس عن انعقاد لقاء سري قبل عشرة أيام بين أولمرت ومسؤول سعودي رفيع المستوى رجحت أن يكون الملك عبد الله: «لم ألتقِ الملك السعودي، ولم ألتقِ أية جهة من شأنها أن تثير هذه الضجة في الصحف»، في ما فسره مراقبون على أنه لا يعني نفياً قاطعاً لأصل حصول لقاء مع شخصية سعودية ما.
وأضاف أولمرت، الذي «فعل كل ما في وسعه لنفي عقد لقاء من أي نوع» بحسب «يديعوت»: «في إحدى المقابلات التي أجريتها في نهاية الأسبوع الماضي، سألني أحد المراسلين عن المبادرة السعودية (للسلام) وقد انتهزت الفرصة لقول ما أصبح حقيقة، وهو أن السعوديين انتهجوا سياسة لائقة للغاية في ما يتعلق بحرب لبنان، وقد أردت أن أعبّر عن تقدير حكومة إسرائيل في هذا الصدد. وفي ما عدا ذلك، لم ألتق عبد الله ولم أحاول، ولم يأت أحد إليّ ولم أعقد أي لقاء، وكل ما عدا ذلك هو فقط خيال وتخمين».
وأوضح رئيس الوزراء، في المقابلة التي أجراها بعد يومين فقط على سلسلة مقابلات صحافية أجراها مع كل وسائل الإعلام الإسرائيلية بمناسبة عيد رأس السنة العبرية، أن «الموقف السعودي خلال حرب لبنان دلّ على مسؤولية واتّزان أثارا لدينا شعوراً جيداً جداً. وبما أننا في تصريحاتنا كنا دائماً ننتقد دولاً مثل السعودية، فقد اعتقدت أن أداء السعودية أثناء الحرب يحتم رداً آخر، ولكن بين هذا والتوصل إلى استنتاجات (في شأن لقاء مع مسؤول سعودي) المسافة بعيدة».
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد نشرت أمس أن أولمرت التقى سرّاً قبل عشرة أيام «شخصية رفيعة جداً في العائلة المالكة السعودية»، قد تكون، بحسب مصادر نقلت عنها الصحيفة، الملك السعودي نفسه. وذكرت الصحيفة أن اللقاء عقد بمباركة أميركية وبمعرفة عدد قليل جداً من المسؤولين الإسرائيليين، مشيرة إلى أنه يمثّل تطوراً دراماتيكياً وسابقة في العلاقات بين الدولتين.
وفي وقت كان فيه أولمرت ومكتبه مشغولين بنفي الخبر، رجحت صحيفة «هآرتس» أن يكون مستشار الأمن القومي السعودي، الأمير بندر بن سلطان، هو المسؤول السعودي الذي التقى مبعوثاً إسرائيلياً، مستندة في ذلك إلى وجود الأمير بندر في الأردن قبل عشرة أيام. وقالت الصحيفة إنه، بحسب المعلومات التي حصلت عليها، فإن الجانب الإسرائيلي في اللقاء لم يكن بالضرورة أولمرت، وفق ما أوردته «يديعوت أحرونوت».
وقالت «هآرتس» إن «عقد اللقاء، على أي مستوى كان، يعكس الانفتاح المتزايد في العالم العربي تجاه إسرائيل، في أعقاب حرب لبنان، والإدراك المتزايد وسط الزعامات العربية المعتدلة، بأن الشيعة وإيران هما التهديد الأكثر أهمية من إسرائيل للدول العربية».
أما «يديعوت» فرأت أن «التخوف المشترك من التهديد الايراني هو الذي شجع السعوديين على رفع مستوى الاتصالات مع اسرائيل ولقاء رئيس الوزراء وجهاً لوجه». وأضافت: «ينبغي الافتراض أنه في اثناء اللقاء السري طُرح على البحث أيضاً إمكان هجوم وقائي أميركي أو اسرائيلي على المنشآت النووية الايرانية».
يشار إلى أن التلميحات إلى اتصالات بين إسرائيل والسعودية وردت الأسبوع الماضي خلال مقابلة أجراها أولمرت مع الصحيفة نفسها، حيث قال ردّاً على سؤال عن وجود اتصالات سرية بين الجانبين: «لست ملزماً الإجابة عن كل سؤال»، معرباً عن تأثّره بـ«حنكة الملك عبد الله وإحساسه بالمسؤولية» وبـ«مواقف، علنية وغير علنية، مرتبطة بالمملكة».
وفي هذا السياق، علّق الوزير الإسرائيلي أوفير بينيس على ما أوردته «يديعوت»، فوصف اللقاء بأنه «هام». وقال بينيس خلال مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي: إن «الاتصالات بين إسرائيل والمملكة السعودية تنطوي على أهمية سياسية لناحية محاربة الإرهاب». وأضاف: «علينا أن ننشئ جبهة جدية في مقابل محور الشر الشرق أوسطي»، في إشارة إلى كل من إيران وسوريا وحزب الله وحماس، «ويجب علينا أيضاً استيضاح إمكان إنشاء محور مع السعودية التي تمثل في نهاية المطاف جزءاً من محور أكثر اعتدالاً».
من جهة آخرى، رد أولمرت على المواقف التي أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلته مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية أمس، وتحدث فيها عن استعداد سوريا لاستئناف العملية السلمية مع إسرائيل، فرأى أن «سوريا الآن في ضائقة نابعة من حقيقة أنه في الوقت القريب سينشر التقرير المتعلق بمقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والذي سيحال لاحقاً على ما يبدو إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي، ومن هنا يمكنني أن أفهم رغبة السوريين... لكن في الواقع هم يواصلون منح مأوى للإرهاب ويدعمونه، وهذا يشمل المنظمات الإرهابية الفلسطينية التي تنشط ضدنا في الأراضي الفلسطينية». وأضاف أولمرت: «لا أرى في أدائهم أي إشارة تشجع إسرائيل على تنفيذ خطوات» سياسية.
وأوضح أولمرت أن «الولايات المتحدة تعارض إجراء محادثات مع سوريا، ليس لأنها ضد السلام، فهي تعتقد أن وجهة سوريا ليست نحو السلام بل نحو تخفيف الضغط (عنها) النابع من دعمها للإرهاب ضد الولايات المتحدة في العراق وضد إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، ولذلك لا يوجد سبب لنمنح السوريين مقابلاً لا يستحقونه».
وأضاف بحذر: «لم أقل إن الأسد ليس شريكاً (للسلام)، إنما في النقطة الزمنية هذه التي يتحدث هو فيها وأنا أرد على سؤال، لا أراه شريكاً في خطوات يمكنها أن تؤدي إلى مفاوضات».



يعدّ الأمير بندر بن سلطان أقرب المسؤولين السعوديين الى الحزب الجمهوري الاميركي، ولا يزال دوره في فضيحة ايران ــ كونترا ماثلاً في الاذهان، عندما ساهم في تمويل المسلحين في نيكاراغوا. كما أنه أدى دوراً مهمّاً في دفع الولايات المتحدة إلى غزو العراق.
قضى 22 عاماً سفيراً للسعودية لدى الولايات المتحدة، قبل أن يُعين رئيساً لمجلس الأمن الوطني السعودي.