مهدي السيد
نجح الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله، من خلال تحدي الظهور العلني في مهرجان الانتصار، في توجيه ضربة جديدة إلى مصداقية المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل، اللذين كانا تعهدا بتصفية السيد في أول ظهور له

واصلت الصحف الإسرائيلية، وخصوصاً صحيفة «معاريف»، تعليقها على تحدي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، للتهديدات الإسرائيلية باغتياله، معللة عدم تنفيذ إسرائيل لوعيدها بجملة من الظروف الموضوعية التي يتعين أخذها بالاعتبار، ولا سيما طبيعة الظروف السياسية، والتداعيات الأمنية المتوقعة، فضلاً عن الجدوى السياسية والأمنيةوفي محاولة من الأوساط الإسرائيلية للتخفيف من وطأة التحدي الذي قام به نصر الله، نقل محلل الشؤون السياسية في «معاريف»، بن كسبيت، عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن "حقيقة أن نصر الله خطب يوم الجمعة في مهرجان الانتصار لحزب الله لا يدل على أنه من الآن فصاعدا يمكنه أن يسير بحرية".
وأشار كسبيت إلى أنه جرى في المؤسسة الأمنية "عشية خطاب نصر الله، جدال حول تصفيته، حتى بثمن العشرات وربما المئات من القتلى من المحيطين به. وفي نهاية المطاف، اتخذت القيادة السياسية القرار. نصر الله لم يُصفَ. وإن كان التقدير بأن تصفيته في أثناء ظهوره أمام جمهور، ثمنه عشرات القتلى سيلحق بإسرائيل ضرراً أكثر مما يحقق لها من منفعة". أضاف كسبيت إن الجيش الإسرائيلي والقادة السياسيين مصممان على أن " السيد نصر الله" محكوم بالموت ما سيدفعه إلى قضاء "سنوات طويلة أخرى في الملجأ".
لكن مراسل الشؤون العسكرية في «معاريف»، عمير ربابورت، أكد أن المؤسسة الأمنية لم تبحث الأسبوع الماضي " فكرة المس به في هذا التوقيت"، وإن رأى أن خروج نصر الله حياً من هذه المناسبة، لا يعني أنه محصن إلى الأبد، أو أنه لم يكن ثمة نية حقيقية للمس به في السابق، وخاصة خلال الحرب.
ولكن ما كان صحيحاً خلال فترة العدوان لن يكون كذلك بالضرورة الآن، بحسب ربابورت، الذي عدد أسباب ذلك، معتبرا أن إسرائيل حظيت، خلال الحرب، بشرعية دولية لمحاولة المس به، بينما هي خاضعة اليوم لاتفاق وقف النارالذي يمنعها من فعل ذلك. ويضيف ربابورت إنه سيكون للمس بنصر الله «مغزى بعيد المدى يتمثل في استئناف الحرب لا بل أكثر من ذلك. ومن شأن المس به أيضاً أن يؤدي إلى حصول عمليات انتقامية في كل مكان في العالم».
وأشار ربابورت إلى أنه "من المهم أن ندرك بأن حزب الله لن يختفي حتى لو تم اغتيال نصر الله". ورغم كل ذلك، يقول ربابورت إن "من شأن إسرائيل أن تغتال نصر الله في المستقبل. هذا قرار سياسي غير سهل، سيكون مرتبطاً بظروف كثيرة. فكل مناسبة أو فرصة لاغتياله ستخضع للدراسة وفقاً للوضع السياسي وبحسب الوضع على الأرض. فالتوقيت الحالي سيئ جداً بالنسبة إلى حرب إضافية، لأن الجيش الإسرائيلي وسكان الشمال لم ينتعشوا بعد من الحرب السابقة. وعندما تسنح فرصة إضافية للمس بنصر الله، كما في يوم الجمعة الماضي، سيتم فحص الوضع من جميع أبعاده، ولا سيما مسألة تضرر أناس آخرين معه".
وتساءل ربابورت عن سبب التهديد باغتيال نصر الله وجعل الجمهور الإسرائيلي يخرج بهذا الانطباع، وعدم تنفيذ التهديد. وفي جوابه عن هذا التساؤل، يرى ربابورت أن " هذا الانطباع نشأ بشكل خاص جراء التصريحات المتغطرسة لكبار المسؤولين الإسرائيليين. لكنهم باتوا يدركون في الشرق الأوسط وفي إسرائيل أن ثمة فجوة هائلة بين التصريحات المرتفعة للقيادة الإسرائيلية الحالية وبين الأفعال على أرض الواقع".
وحذر ربابورت من أن "التهديدات الفارغة التي لا تُنفذ تؤدي فقط إلى إضعاف قدرة الردع لدينا".
بدوره، تطرق مراسل «معاريف» للشؤون العربية، جاكي حوجي، إلى خطاب نصر الله، مشككاً في حقيقة الانتصار، ومستعيضاً عن ذلك بالإشارة إلى جملة انجازات حققها حزب الله مقابل انجازات إسرائيلية كبيرة من أهمها تعزيز الخطاب السياسي المعارض لحزب الله في لبنان.
وفي معرض الإشارة إلى انجازات حزب الله، قال حوجي «صحيح أن نصر الله سجل في هذه المعركة سلسلة من الانجازات المعتبرة، أولها نجاحه في البقاء على قيد الحياة. ومُحقّ نصر الله في زعمه بأن رجاله قاتلوا ضد جيش متفوق عددياً، متفوق بالقوة وبالتكنولوجيا وبالدعم الدولي. وبالوسائل البسيطة في ايديهم، تمكنوا من إمطار اسرائيل بأكثر من مئة كاتيوشا في اليوم، حتى اليوم الأخير من المعركة من دون أن يوقف الجيش الإسرائيلي ذلك".