علي حيدر
أثارت دعوات الرئيس السوري بشار الأسد المتكررة إلى استئناف المفاوضات بين سوريا وإسرائيل على هضبة الجولان المحتل، وتهديده باللجوء إلى خيار الحرب، اهتمام الأوساط الإسرائيلية، التي دعا عدد منها حكومة إيهود أولمرت إلى ضرورة التعامل بإيجابية مع الدعوات السورية تجنباً للعواقب الوخيمة
توقف عدد من المحللين في الصحف الإسرائيلية أمس عند دعوات الأسد، وعند الموقف الذي أصدره أولمرت، الذي رأى أن الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل، وأنه سيبقى كذلك إلى الأبد، فطالب عدد منهم رئيس الحكومة بضرورة الاستجابة لدعوات الأسد حقناً للدماء من جهة، وأملاً في تفكيك محور ايران ــ سوريا ــ حزب الله ــ حماس من جهة ثانية.
وأكّد سيفر بلوتسكر، في افتتاحية «يديعوت أحرونوت»، أن الجولان هي منطقة سورية محتلة، وأن السيادة السورية على هذه الهضبة لم تُلغ رغم أن اسرائيل أصدرت قانوناً من جانب واحد تفرض سيادتها بموجبه على الهضبة، فضلاً عن أنه لا يوجد أحد في العالم يعترف بالمطالبة السيادية لإسرائيل عليها. لذلك، يرى بلوتسكر أن المسألة هي فقط مسألة وقت وظروف الى أن تنسحب اسرائيل من الجولان كما انسحبت في الماضي من مناطق اخرى كانت تحتلها.
ويخاطب بلوتسكر الشخصيات القيادية الأمنية والعسكرية في اسرائيل، قائلاً: «الأزمات والخسائر العسكرية الكبيرة التي أصيبت بها اسرائيل في السنين العشر الأخيرة تمثلت في تفويت فرص كثيرة للتوصل الى اتفاقية سلام مع سوريا»، وهو يرى أن «المبادئ الأساسية لتسوية في هذا الشأن قد صيغت منذ زمن طويل، وبناء على رأي الطرفين ومعرفتهما، وهي لا تزال محفوظة في الخزانات السرية لدى كل منهما. فقد سبق أن اتفق على معظم نقاط الاختلاف، ولم يبق إلا مسألة عمق شريط بري صغير وضيّق الى جانب بحيرة طبريا الشمالي». وبحسب بلوتسكر، فبرغم أن «لإسرائيل وسوريا مواقف مختلفة في هذا الموضوع، يمكن تجاوز هذا الإشكال بإيجاد حل يمكن بواسطته جسر الهوة بين الموقفين».
بيد أن المشكلة كما يراها بلوتسكر تكمن في أنه «لم يكن لأي حكومة اسرائيلية الجرأة الكافية لكي تقول للشعب: مقابل سلام وتطبيع كامل مع سوريا فإننا سنتنازل عن هضبة الجولان».
ويقول بلوتسكر إن «الهرب من التوصل الى سلام مع سوريا هو الآن امتحان جديد ومصيري أمام الحكومة الاسرائيلية، فالرئيس السوري يطلب من اسرائيل الدخول في محادثات للسلام في مقابل انسحابها من هضبة الجولان. وفي الوقت نفسه، فإنه يحذّر من أنه اذا لم تبدأ عملية التفاوض، فلن يكون أمامه مناص من الخروج الى الحرب لاستعادة هضبة الجولان، وأن حرباً كهذه ستعود لتعرّض العمق الاسرائيلي من جديد للصواريخ، وستسقط ضحايا كثيرة. ومع أنه لا شك في انتصار اسرائيل بالحرب، ستعود لتضطر في نهاية الأمر الى الانسحاب من الجولان بسبب الضغط الدولي، وهذا يعني أن النهاية معروفة، لكن الثمن غير معروف».
ويشير بلوتسكر إلى أن «القيادة العسكرية الاسرائيلية موحدة في هذه الايام في توصيتها بضرورة الاسراع الى التوصل الى سلام مع سوريا، وأن المزايا الاستراتيجية لهذه التسوية مع سوريا معروفة: قطع التحالف الاستراتيجي بين سوريا وإيران، والقضاء على قادة حماس في دمشق، إضافة إلى قادة الجهاد الاسلامي، وإغلاق ممر السلاح من سوريا الى حزب الله، وكذلك انضمام دولة اخرى عربية، وخصوصاً من الجناح المتطرف، الى قائمة الدول العربية ــ الاسلامية المعترفة باسرائيل، والتي تقيم علاقات دبلوماسية معها».
وإذ يدعو بلوتسكر الحكومة الإسرائيلية الحالية «العليلة والعاجزة» إلى عدم الاهتمام بخيار التفاوض مع حماس وبالمسار السعودي، نظراً إلى عدم الجدوى، يشير إلى أن «الخيار السوري يعدّ، في المقابل، عملياً وموضوعياً، وهو أفضل بكثير من الانسحابات الأحادية الجانب التي تجلب الويلات في نهايتها».
وختم بلوتسكر مقالته بمخاطبة أولمرت قائلاً: «قبل أن يرفض اولمرت بسخرية المحاولات السورية للتوصل الى اتفاقية سلام، ويتعهد بغباء بأن الجولان هو «جزء لا يتجزأ من ارض اسرائيل» من الأجدر أن يأخذ في الحسبان أنه ليس عندنا أولاد يذهبون الى حرب لا ضرورة لها».
أما أوري سافير، فدعا، في «معاريف»، إسرائيل إلى أن «ترفع قفازات السلام التي رماها نحونا رئيس سوريا، بشار الأسد». وقال سافير: «تفاوضت مع السوريين لأشهر طويلة. التفاوض معهم صعب وليسوا شركاء سهلين. لكن إذا توقّفوا عن مساعدة الإرهاب، فستسنح لنا فرصة استراتيجية لتحطيم محور ايران ــ سوريا ــ حزب الله. وسيكون الثمن الاقليمي مرتفعاً: اعادة هضبة الجولان. لكن هنا أيضاً تعلّمنا أن للمنطقة الجغرافية معنى ضئيلاً في مرحلة الحرب الحديثة للارهاب والصواريخ بعيدة المدى».
ويرى سافير أن حرب لبنان الثانية أتاحت «فرصة ذهبية لإجراء سياسي ضروري يبني، مع الوقت، السور الواقي الحقيقي لاسرائيل. إن عرض شروط مبالغ فيها من جهتنا، تخوفاً من الرأي العام الاسرائيلي، سيسبب حالاً من الجمود وتدهوراً خطير في الوضع العسكري».