هآرتس - العقيد شاؤول أريئيلي
كان الهدف من استخدام الجيش الاسرائيلي خلال كل سنوات وجود اسرائيل هو الدفاع عن سيادة الدولة وسكانها وتوفير شروط سياسية كي توجد فرصة في عدم استخدامه مرة أخرى.
وما بين هذين الهدفين هناك فرصة زمنية للمجتمع كي يرسخ نفسه اقتصادياً وثقافياً وأمنياً.
الحرب الأخيرة في لبنان وضعت علامات استفهام عن مدى نجاح اسرائيل في تحقيق الهدف الأول (أمن اسرائيل).
لكن هناك تساؤلات كثيرة عن الهدف الثاني، وهل تعتبر الخسائر فشلاً في تحقيق الهدف الأول فقط، أو أنه فشل متراكم في ظل أداء الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة أخيراً لتحقيق الهدف الثاني؟
من يركّز على الأثمان ليبرهن على فشل الدولة في الدفاع عن مواطنيها، أراد ان تضرب اسرائيل البنى التحتية اللبنانية وان تهاجم سوريا، كما أراد ان تحتل جنوب لبنان حتى شمالي الليطاني، لكن هذه المطالب غير سوية ولا تتساوق مع فهم العلاقة بين الهدفين المراد للجيش أن
يحققهماعلى اسرائيل أن تقوم باستحضار الهدفين معاً، لدى قيامها بدراسة معمقة لمجريات الحرب وما سبقها. والأسئلة الواجب طرحها يجب ان تتعلق بقدرة الجيش وجاهزيته في تحقيق النتائج العسكرية، أو قدرة الطبقة السياسية على إدارة معركة حربية بعد انشغالها بفك الارتباط والعمال وأرباب العمل، هل كانت هناك ملاءمة ما بين الأداء السياسي الرافض للمفاوضات مع سوريا والأمر بالخروج الى الحرب خلال ساعات؟ هل أدركت اسرائيل ان استخدام القوة بصورة لا تحقق الأهداف سيؤدي الى نتيجة عكسية؟ هل المجتمع الاسرائيلي جاهز ومستعد لدفع ثمن الحرب؟ هل كانت هناك إمكانية لعدم تحريف الهدف الثاني مع الوصول الى الحسم العسكري والانتصار التام على حزب الله؟
انتصار اسرائيل العسكري في حرب حزيران 1967 استطاع ان يحافظ على سيادة اسرائيل وان يحافظ على سكانها، وكرّس في وعي العالم العربي تصوراً للاعتراف بوجودها. وانتصار اسرائيل في حرب يوم الغفران 1973، وإن كان أقل مستوى، كرّس الهدوء على الحدود مع مصر طوال ثلاثة عقود.
لا يمكن اسرائيل ان تفقد تفوقها العسكري والاقليمي، حتى مع وجود اتفاقات سلام، وخاصة في ظل مواجهة التهديد الايراني، وبالتالي عليها ان تستخلص العبر الادارية والقتالية من الحرب التي قد تُستأنف في أي لحظة. إلا ان المهم هو ان تدرك اسرائيل بأنها لا تستطيع ان تحصل على استقرارها بواسطة استخدام القوة العسكرية فقط.
إن قرار مجلس الأمن 1701، ليس نتيجة سياسية مثلى لاسرائيل من أجل تحقيق الهدف الثاني، إلا انه ينطوي على العناصر التي توفر لها الاستقرار لاحقاً، ولقد استطاع هذا القرار ان يزرع أشتالاً صغيرة على صورة نشر الجيش اللبناني في الجنوب ونزع سلاح حزب الله، وهو ما يمكن ان يمنع عودتنا الى الواقع الذي كنا فيه قبل ذلك. علينا ان نعتني بهذه الأشتال من أجل منع حرب أخرى.
ما يجب على اسرائيل القيام به، وان تفضله على المحاولات الأحادية الجانب والقائمة على منطق القوة والتسلط لحل الصراع، هو استئناف الحوار مع لبنان وسوريا والفلسطينيين، في موازاة الحفاظ على الحوار مع الأسرة
الدولية.