يحيا دبوق
تترقب إسرائيل «زلزالاً» سياسياً، عبّر عنه أمس تصاعد الدعوات إلى تأليف لجان تحقيق في فشل العدوان على لبنان، وأسبابه الموضوعية والشخصية، بالتزامن مع تزايد حدة الانتقادات لكل مراحل الحرب، بدءاً بقرار شنها، مروراً بقرار توسيعها وانتهاء بقرار حكومة إيهود أولمرت الموافقة على القرار الدولي 1701. ورأت اتيلا شومفلبي، في «يديعوت أحرونوت»، أن «حرب الأسئلة قد بدأت، والصمت الذي ميز الساحة السياسية طوال الشهر الماضي لفظ أنفاسه الأخيرة، وستبدأ منذ الآن حملة التشهير وتبادل الاتهامات والانتقادات، وهي حملة لم نشهد مثلها منذ زمن طويل». وأضافت شومفلبي أن «المرء لا يحتاج لأن يكون نبياً أو محللاً عبقرياً لمعرفة حجم الزلزال المتوقع أن يصيب الوسط السياسي والشعبي خلال الفترة القريبة. فالأسئلة التي طُرحت من السياسيين في الأحاديث المغلقة، تثير القشعريرة أحياناً، وتخيف أحياناً أُخرى، ولذلك من المهم الآن سماع تلك الأسئلة وأجوبتها علناً، لأن هذه الحرب هي حرب الأسئلة أكثر من اي حرب أُخرى».
بدوره، قال المحلل السياسي في «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنيع، إن إسرائيل «تسير نحو إعلان وقف النار مرضرضة ومتنازعة وقلقة». وأضاف أن «الحرب لم تنته، ولكن الاعلان عن وقف النار يسمح على الاقل رسمياً بحروب اليهود. وستكون هذه المرة، أغلب الظن، حرب الجميع على الجميع. يسير الجميع ببطن مليء، الجميع مقتنعون بأنهم تعرضوا للخيانة، والجميع ينتظرون اللحظة التي يُسمح لهم فيها نصر الله بإطلاق كل شيء الى الخارج».
وتابع برنيع: «السؤال عما حصل لاسرائيل في هذه الحرب جدير ببحث معمّق. البحث في الضربات التي تلقيناها نحن: حجم الخسائر، وتعطيل الجبهة الداخلية، وتحويل مئات آلاف الاسرائيليين الى نازحين. وربما الضربة الاشدّ: اكتشاف أن الجيش الاسرائيلي غير قادر على تلبية التوقعات. فهو لا يجد فقط صعوبة في أن ينتصر في معركة ضد عصابات صغيرة مثل حزب الله، بل يجد صعوبة في أن يزوّد جنوده بالماء وبالطعام. تذكّرنا أزمة الثقة الناشئة بين الجيش والقيادة السياسية بحدة حرب يوم الغفران. تفترض الحقيقة القول إننا في هذه الحرب لم ننتصر».
وانتقد وزير الدفاع السابق، من حزب الليكود، موشيه آرنس، في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» أمس، موافقة إسرائيل على القرار 1701. وقال إن «الآثار البعيدة المترتبة على موافقة اسرائيل على وقف النار عبر الامم المتحدة في هذه الفترة جليّة للعيان. سيستنتج أعداء اسرائيل، وهم كُثر، أنها لا تملك قدرة التحمل المطلوبة للمواجهة الطويلة مع الإرهاب. وأنه لا حاجة الى الدبابات والطائرات من اجل إلحاق الهزيمة بإسرائيل، إذ إن آلاف الصواريخ تفي بالغرض». وأضاف: «سيكتشفون أن اسرائيل لم تعد تمتلك شيئاً من قدرتها الردعية. الحرب التي كان من المفترض بها، بحسب قول قادتنا، أن تعيد بناء قوتنا الردعية، نجحت في تدميرها خلال شهر واحد».
وفي مجال الدعوة إلى تأليف لجان تحقيق في الإخفاقات الإسرائيلية، قال يعقوب احيمئير في «معاريف» إن «الضغوط الداخلية ستزداد: لا شك في أن لجنة تحقيق رسمية ستتألف، وربما وللمرة الأولى، تتألف لجنتان، واحدة للتحقيق في جهوزية الجبهة الداخلية لفترة الحرب، والثانية للتحقق من جهوزية المؤسسة الأمنية للمواجهة مع حزب الله وللخطوات العسكرية».
وبحسب احيمئير، فإن «هذه السيناريوهات تقود اسرائيل الى ما اعتادته في ايام السلام: انتخابات جديدة. ستُسفك دماء ايضاً في الحملة الانتخابية بعد الحرب. سينزف دم سياسي كثير. لكن انتخابات الكنيست هي، للأسف الشديد، مثل الحرب في لبنان: أنت تعرف كيف تبدأ ولكنك لا تعرف كيف تنتهي».
وفي السياقنفسه، قال يوسي بيلين في «هآرتس»، إنه في «صبيحة اليوم التالي، ستتألف لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في مجريات الحرب، وربما ايضاً في مسائل اخرى، منها امكان منع حزب الله من الحصول على الاسلحة التي راكمها خلال السنوات الست الأخيرة، التي بسببها شُلّت حياة ثلث الدولة، ودفعنا ثمناً مدنياً وعسكرياً فادحاً بالأرواح». ونصح بيلين رئيس الوزراء أيهود أولمرت بأن «يبادر الى تأليف هذه اللجنة بنفسه بأسرع وقت ممكن».
بدوره، قال ايتان هابر في «يديعوت أحرونوت»: « يتحدثون في هذه الايام كثيراً عن لجنة تحقيق. اذا وُجدت هذه اللجنة أو لم توجد، سيكون من المهم أن نعرف كيف اتُخذ قرار شن الحرب الحالية، وكيف كان مجرى القرار، من الذي قال وماذا قال ولمن، وهل وضعت كل طرق العمل المختلفة أمام صانعي القرار».