محمد بديرلا تزال الحكومة الإسرائيلية، على ما يبدو، عاجزة عن الإجابة عن كثير من الأسئلة التي تطرحها وسائل الإعلام المحلية حول أسباب فشل العدوان على لبنان، وإن بدأت آلتها الدعائية، على ما يبدو، تعمل من أجل تجميل الصورة والتخفيف من وطأة الانتقادات اللاذعة التي تتعرض لها.ويرى يوئيل ماركوس، في «هآرتس» أن «السؤال هو: هل طرح أولمرت الأسئلة الصحيحة فحصل من الجيش على إجابات حقيقية عليها؟ هل سأل مثلا عن قدرة الجيش في تصفية حزب الله، أو على الأقل نزع سلاحه؟ هل درس حجم المخاطر المتوقعة على الجبهة الداخلية وما هي قدرة هذه الجبهة على مواجهة الهجمات الصاروخية؟ وهل سأل إن كان من الممكن فعلاً تحقيق الانتصار في المعركة من خلال الهجمات الجوية فقط؟ وهل سأل كيف من الممكن القضاء على حزب الله من دون هجمة برية مكثفة؟ وهل سأل إن كان سيحصل على الحسم العسكري عندما ستُعيد اسرائيل السيف الى قرابه؟ والى أي فترة زمنية؟».
أما زئيف شيف فحاول، في «هآرتس» أيضاً، التخفيف من حدة الفشل، فتحدث عن بعض الإنجازات غير الكافية، وهو ما يتساوق مع استنتاجه بأن إسرائيل تتوقع في الأيام المقبلة وابلاً من الاتهامات الذاتية، والإهانات للجيش الاسرائيلي، مشيراً إلى الحاجة لتحقيق من قبل لجنة خبراء لاستخلاص العبر قبل الحرب المحتملة في المستقبل.
ويرى شيف أنه «في المجال العسكري، حقق الجيش الاسرائيلي انتصاراً بالنقاط، رغم أن الوحدات المختارة لحزب الله قاتلت كما ينبغي وبشجاعة، وكانت تعرف المنطقة بشكل أفضل، ورغم الضرر الجسيم والدمار الذي لحق بقرى ومدن الجليل والشمال، بما في ذلك حيفا. ولم يتمكن الجيش الاسرائيلي من وضع حد لوابل الصواريخ، بل ولم يقلّل عدد الصواريخ المطلقة حتى نهاية الحرب. و تواصلت حرب الاستنزاف ضد البلدات الاسرائيلية حتى النهاية».
وعلى الصعيد السياسي، رأى شيف أن «هناك إنجازاً هاماً لإسرائيل، يتمثل في الحفاظ على التأييد الكامل من الولايات المتحدة لها في أثناء الحرب والمداولات في الأمم المتحدة».
كما رأى أن في القرار 1701 «نقاطاً إيجابية يجب اعتبارها انجازاً. مثلا، تغيير الوضع في جنوب لبنان: إبعاد المنظومة العسكرية عن المنطقة المجردة من السلاح في الجنوب وقرار حظر السلاح لحزب الله».
غير أن موقف شيف إزاء هذه الانجازات، يقابله موقف الرئيس السابق لقسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية، يعقوب عميدرور، الذي رأى أن «قرار مجلس الأمن هو إطار سهل لحزب الله للإعداد للحرب المقبلة»، وأن الإنجازات ما هي إلا «ربع الكأس المليئة من الكأس التي لا تزال فارغة».
ويعدّد عميدرور، في «يديعوت أحرونوت» عيوب القرار بالنسبة لإسرائيل، فيشير إلى أنه «ليس في القرار التزام أو طلب إعادة الجنديين الأسيرين فوراً، ولا جدول زمني للتنفيذ، لا بشأن نزع سلاح حزب الله ولا بشأن جعل المنطقة جنوبي الليطاني منزوعة السلاح، وليس لقوة الأمم المتحدة سلطة واضحة حادة، لا في ما يتعلق بصلاحياتها ولا في ما يتعلق بعملها».
ويرى عميدرور أن من سلبيات القرار أيضاً «أنه لا يعين أي جهة دولية كمسؤولة عن منع وصول سلاح آخر من سوريا وإيران. ويترك القرار مفتوحاً طلب حزب الله الاعتراف بمزارع شبعا كمنطقة لبنانية محتلة».
ويضيف عميدرور أنه «ربما لم يكن في الإمكان الحصول على أكثر من هذا، لكن من المؤكد أن هذا ليس اتفاقاً جيداً، كما صاغ الأمر رئيس الحكومة ووزيرة الخارجية». وتابع أنه «لا يجوز أن نمكّن الحيل الاعلامية وتصريحات الساسة من بلبلتنا، حتى لو كان المحللون من قبلهم يلونون الصورة باللون الوردي. هل ستنجح اسرائيل بجهد ديبلوماسي، لا يعتمد على نجاح عسكري ذي شأن، في تغيير الخطر الذي يلــــوح فــــي لغة القرار؟ أنـــــا أشــــــك».
بدوره قال بن درور يميني، في «معاريف»، إن عدداً لا يحصى من الإخفاقات ظهر في هذه الحرب، وإن تصريحات السياسيين كانت مجرد ثرثرة. وأضاف يميني، أن «تقديرات الجيش كانت خاطئة، وظهر أن الجبهة الداخلية مهملة جداً، لكن رغم ذلك، لا يمكن لأي لجنة تحقيق أن تؤدي العمل المطلوب لأن لجان التحقيق تركز اهتمامها على قطع الرؤوس، فالسياسيون الذين لا يشغلون مواقع المسؤولية يريدون هدر دماء من يشغلها، لكن الدم لا يؤدي إلى التغيير، بل على العكس». وبحسب يمين فإن «الجمهور هو هيئة المحلفين التي تحاكم متخذي القرارات، وإذا أراد الجمهور فيمكنه أن يرمي بهم خارجاً وأن يستبدلهم».