افتتاحية «هآرتس»
استناداً الى الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة إيهود أولمرت يوم أمس في الكنيست، يبدو أن الشعور بالفشل الذي يصاحب الجمهور لم يتمكن من التغلغل الى داخل مباني الحكومة الاسرائيلية، ذلك أن اولمرت تحدث عن «عملية» للجيش الاسرائيلي كخطوة أدّت الى تغيير استراتيجي في الشرق الاوسط حتى قبل أن يتضح اذا كان سيتم الحفاظ على وقف النار، وسيُفرج عن المخطوفين، وينتشر الجيش اللبناني، ويتم نزع سلاح حزب الله ولن يُجدد مرة اخرى مخزونه من السلاح.
العبارة الأسوأ لأولمرت، هي تلك التي قال فيها إن جنود الجيش الاسرائيلي خرجوا منتصرين في كل معركة في مواجهة حزب الله. هذه العبارة لا تعكس الحقيقة التي اكتشفت خلال شهر من المعارك القاسية معهم، فالجيش الاسرائيلي اضطر الى احتلال احدى المناطق مرة بعد اخرى، الأمر الذي يدل على عدم احتلالها. كما أن كل الوسائل التي استُخدمت من الجو ومن البر لوقف اطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل لم تنجح، بل لم تتمكن من مجرد تقليص عدد هذه الصواريخ والنار التي كانت تُطلق.
يعرف الجمهور أن الجيش الاسرائيلي لم ينتصر في المعركة، ولا احتمال لإقناعه بذلك من خلال الخطابات الضبابية التي تحاول عدم إظهار الحقيقة. آباء الجنود يعرفون تماماً القصص الحقيقية عن الطعام الذي لم يصل الى أبنائهم، وعن العتاد الناقص الذي اشتروه من أموال المتبرعين. وسكان الملاجئ رووا القصص الكثيرة عن عذاباتهم ومشاكلهم، وعن الاخلاء الذي شوش كل شيء. أضف الى كل ذلك، نجاح حزب الله وقدرة الجبهة الداخلية التي أظهرتها، وتردّد الحكومة وعدم قدرتها على المتابعة. لقد نسبوا حقيقة نقصان التجهيزات القتالية، وأن الجنود لم يكونوا مدربين على مثل هذه المهمات، الى قلة الموازنة. وهكذا كان أيضاً وضع الملاجئ وخدمات الاغاثة والانقاذ التي تقوضت. وإذا كان وضع الاقتصاد على هذه الحال، فإن سؤالاً يطرح نفسه: الى أين ذهبت الاموال؟ وهل تعرف الحكومة كيف تُصحح هذه الأخطاء، هذا اذا كانت أصلاً تستطيع اصلاحها والاعتراف بها؟
«أسمع أصواتاً تُعرب عن عدم الارتياح»، قال اولمرت أمس، كأنه يتحدث عن انتقادات ثانوية فقط، وكأن وسائل الاعلام لم تعرض على شاشاتها وفي صفحاتها خلال شهر طويل ما يدور بين الناس وما يختلج في قلوب الجمهور، وكأن قائد المنطقة الشمالية لم يُقل من منصبه وسط المعركة، وكأنه أيضاً لم يتمّ توجيه آلاف الجنود الى عملية يمكن تسميتها «اللحظة الأخيرة»، والتي لم توضح أهدافها حتى الآن. والشيء الأكثر إثارة للقلق هو تعبيره الأعرج «في المرة المقبلة أيضاً، ستكون هناك بعض الامور التي سنضطر الى تصحيحها».
يُمنع علينا أن نسمح لهذه الحرب أن تمر من دون فحص جذري. ولا يمكن السماح لهذه الهزة، التي يشعر بها الجمهور، أن تزول وتنتهي بأقوال ديماغوجية. ولا يمكن إلقاء التهمة على حكومة اولمرت في كل هذه الإخفاقات، لكن يمكن أن نلقي عليها كامل مسؤولية إصلاح الأخطاء. يمكن أن نفهم، من خطاب اولمرت، أنه لا يدرك حجم الأزمة، لذلك من المشكوك فيه أن يكون قادراً على استخلاص العِبر.
يجب أن نفحص ونستوضح اذا كان الجيش والجبهة الداخلية غير مستعدين لهذه الحرب المتوقعة مسبقاً. وأيضاً ما الذي عرفه اولمرت عن عدم الاستعداد هذا عندما قرر الخروج الى المعركة. فإذا كانت حكومته تحظى حتى الآن بحق الوجود، فإن هذا سيحصل فقط إذا أخذت على عاتقها إصلاح الأخطاء التي برزت، والتي يجب الوقوف عندها. وإذا كان خطاب رئيس الحكومة يُبشّر ببداية نهج جديد من الديماغوجية بدلاً من محاسبة النفس، فإن ما يمكن استخلاصه هو أنه لا يتحلى بالتواضع أو الجرأة المطلوبين لقيادة الدولة.