أزمة فشل اندلعت في إسرائيل. هذه حقيقة يُسلم بها الإسرائيليون كافة، وبالتالي ثمة من يتعيّن عليه دفع الثمن. لكن المشكلة تكمن في أن الجميع يتقاذف كرة الفشل الملتهبة تجنباً للآثار والندوب التي قد تصيب من تقع بين يديه.

محمد بديرطالبت الصحف الإسرائيلية أمس، رئيس الأركان دان حالوتس بتحمّل مسؤولية فشل العدوان على لبنان والاستقالة من منصبه، معتبرة أن إسرائيل تواجه «أزمة قيادة» ومصيراً مجهولاً بعدما ثبت أن جيشها «ليس ذكياً».

وقالت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، «ثمة أمر واحد لا بد أن يكون واضحاً: من دون جيش ممتاز، مستعد في كل لحظة لمواجهة العدو، ليس أمام دولة اسرائيل أي احتمال للبقاء في المنطقة بشكل دائم. تقوم الديموقراطية الاسرائيلية على أساس وجود جيش اسرائيلي قوي، يحافظ قادته على قدراته، كأن الحرب قد تقع في كل لحظة».
وتضيف «هآرتس» «لذلك، يجب على (رئيس الأركان دان) حالوتس الاستقالة فوراً. وذلك لتأكيد جدية الأوضاع وخطورتها، وعلى أنه ليس هناك فشل من دون تحمّل للمسؤولية، وأنه ليس هناك فشل يمكنه أن يتخفى وراء انتصار سخيف». وأوضحت أن «حقيقة أن رئيس الأركان وجد وقتاً كافياً لبيع جميع أسهمه بعد ثلاث ساعات فقط من اختطاف الجنود، لا يمكن التسامح معها وتحملها، فعندما نتحدث عن شخصية عامة، رفيعة المستوى من النوع الذي أُلقيت على عاتقه مسؤولية الشعب الاسرائيلي ومصيره، وكذلك مصير اولئك الجنود المخطوفين، والجنود الذين خرجوا لإنقاذهــــــــم وقُتلوا، لا يمكن التحــــــدث عن مجرد خصوصــــــــــيات».
وتابعت أن «الإحساس المتراكم بأن رئيس هيئة الأركان قد تفرغ في اليوم المرير نفسه لكي يبيع أسهماً، وأن وزير العدل الاسرائيلي قد تفرغ في اليوم نفسه لكي يتصور ويأخذ رقم هاتف موظفة في الحكومة، تبين في ما بعد أنها اتهمته بالتحرش الجنسي، فإن ذلك يعد إحساساً يدفع الى اليأس من وجود شخص يمكن أن يعتمد عليه الجمهور».
أما إيتان هابر فرأى من جهته، في «يديعوت أحرونوت»، أن «الازمة الأكبر التي تمر بها دولة اسرائيل الآن ليست ازمة ناتجة من حرب الكاتيوشا. هذا لا علاقة له بالجيش الاسرائيلي، وليس له علاقة بمليون من المدنيين الخائفين، الذين جلسوا في الملاجئ أو غادروا اماكن حياتهم. الأزمة الحقيقية، التي ستبرز أكثر حدة في القريب العاجل، هي في القيادة: لقد انتهت الزعامة في اسرائيل. لا يوجد الآن، حتى مجرد زعيم واحد من السياسيين ورجال الجيش والاكاديميين، من الذين يحلم بهم المواطنون الاسرائيليون في الليالي التي يشتاقون فيها للزعامة».
وتوقف عوزي بنزيمان، في «هآرتس»، عند سلوك رئيس الحكومة إيهود أولمرت، معتبراً أنه «رجل ذو فجوة غير سليمة بين نياته المعلنة وقدرته على تحقيقها. حدّد للحرب أهدافاً غير قابلة للتحقق، وصوّر للناس واقعاً مزيفاً، كما يطرح النتائج بصورة مضللة».
وبحسب بنزيمان، «عندما يُصرح أولمرت بأنه المسؤول الاول والأعلى عن طريقة ادارة الحرب، ولكنه يُحجم في الوقت نفسه عن استخلاص العِبر الشخصية المطلوبة، فإنما يتصرف وفقاً لمعيار هيمن على الحياة الجماهيرية في السنوات الأخيرة في بلادنا: تكفي الاعترافات، ولا حاجة لدفع الثمن المطلوب عن السلوك المثير للجدل».
وتطرق غاي معيان، إلى وهم القضاء على حزب الله، وتغيير الشرق الأوسط، فقال إن «هذا الوهم عاش 33 يوماً. خمسة اسابيع من سُكر الحـــــواس.
وعدونا بحرب ترفيهية. قالوا لنا إن سمعة سلاح الجو الحسنة في العالم ستكفي لتقويض الشيعة الغوغاء بخفقة جناح واحدة. تكفي قنابل ذكية مثل آينشتاين، وسلاح متطور، ووفرة من الوسائل القتالية الدقيقة، لإخضاع نصر الله ولتجريده من سلاحـــــــــه فوراً».
ويضيف معيان «لكن يا للهول، رفض حزب الله أن يتصرف وفق أوامر عباقرة الجيل. واصل أفراده زرع القتل والدمار في شمال البلاد، وكشفوا قدرة ثبات مثيرة في وجه قوات برية اسرائيلية. وبخلاف ما كان في عام 1967، كشفت نعالهم المربوطة ميلاً الى الثبات في وجه دبابات الميركافا ومروحيات الأباتشي ايضاً. اذا كان جيش صغير وذكي قد شارك في هذه الحرب، فلست واثقاً من أنه الجيش الاسرائيلي». وبحسب معيان، فإن «اسرائيل لا تملك اليوم القدرة على تغيير الشرق الاوسط بإجراء عسكري سريع، ولا حتى لبنان. فحزب الله ليس منظمة مخربين صغيرة خائفة. الأمر يتعلق بجيش متطوعين، مملوء بالروح المعنوية العالية، ومدرب تدريباً حسناً، عسكرياً ونفسياً، وهو يستمد قوته من مكانته في النظام الاجتماعي».