مهدي السيد
أثارت قضية بيع رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس أسهمه في البورصة الإسرائيلية عاصفة سياسية وعسكرية وشعبية في إسرائيل، لا تهدد مصيره العسكري فحسب، بل مستقبله السياسي أيضاً باعتباره مرشحاً مستقلبياً قوياً لرئاسة الحكومة.
نشبت هذه العاصفة على خلفية توقيت عملية البيع الإشكالي جدّاً من الناحية الأخلاقية والمسلكية، بعد ساعات من تنفيذ حزب الله عملية أسر الجنديين الإسرائيليين،

في 12 تموز، وقبل ساعات من اعتراف الجيش الإسرائيلي رسمياً بعملية الأسر، وإعلان الحرب.
فسّر كثير من المراقبين ما حصل بأنه هدف إلى تحقيق ربح مادي على حساب دماء الجنود والجمهور في إسرائيل، متسائلين في الوقت نفسه كيف أمكن رئيس الأركان أن يجد الوقت للتفكير ومن ثم للاتصال بمصرفه من أجل إتمام عملية البيع، في ظرف عصيب جدّاً، تركّزت خلاله الجهود على البحث عن السبيل الإسرائيلي الأنجع لحل معضلة حزب الله؟
جاء الكشف عن «صفقة حالوتس» في وقت بالغ الحساسية على الحلبة الإسرائيلية من الناحية السياسية والعسكرية. دعوات متزايدة إلى تأليف لجان تحقيق لتحديد المسؤوليات عن فشل العدوان على لبنان. موجة من تبادل الاتهامات العلنية والسرية بين المستويين السياسي والعسكري، وداخل كل منهما، وتحديد الجهة المسؤولة فعلاً عن الإخفاق. مطالبات باستقالة أو إقالة المسؤولين عن الفشل.
وعليه، لا يمكن التعامل ببراءة مع توقيت نشر الخبر، الذي يرى كثيرون أن بعض الذين يحاولون دفع المسؤولية عنهم يقفون وراءه، عبر نقل القضية إلى ملعب حالوتس، بهدف حرف النقاش عن القضية الأساس، وهي فشل المستويين السياسي والعسكري، أشخاصاً ومؤسسات، في إدارة العدوان، وتحويله إلى نقاش شخصي يطاول شخص رئيس الأركان، ويتعلق بموضوع لا علاقة له بصورة الجيش الإسرائيلي وهيبته، ولا بحكمة المؤسسة السياسية الحاكمة وحنكتها.
ثمة إجماع بين المراقبين في إسرائيل على أن الخطوة التي أقدم عليها حالوتس في غير محلها، وأنها خطأ من النوع القاتل في الوقت القاتل.
لكن التباين يظهر في الثمن الذي يتعين على حالوتس أن يدفعه. تباين تراوح بين من يدعو إلى عدم إعطاء هذا الخطأ أكثر من حجمه، وبين من يدعو إلى ضرورة استقالة رئيس الأركان، أو إقالته. جعلوا منه «كيس ملاكمة» بدأ كثيرون، لا سيما كبار قادة الجيش، يوجهون إليه لكماتهم، ولسان حال كثير من المراقبين يسأل: هل يكون حالوتس كبش الفداء على مذبح الحلبة الداخلية في إسرائيل، أم أنه سيكون الأضحية الأولى فقط؟