كشف جنود الاحتلال الاسرائيلي أمس عن جانب جديد من الوقائع التي شاهدوها وشهدوها خلال المواجهات في لبنان، فتحدثوا عن شعورهم بالذل والهوان وعن الأهوال التي مرت عليهم فجعلت بعضهم شيباً، وعن التخبط والارباك وتصادم الجنود وإطلاقهم النار بعضهم على بعض، واضطرارهم إلى البحث عن الطعام في الحقول والمنازل التي اقتحموها جراء عجز قيادتهم عن تأمين الإمداد لهم خوفاً من ضربات المقاومة.في لقاء مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، تحدث عدد من الجنود، عادوا من الجنوب اللبناني، عن عدم وجود خطة واضحة، بسببها لم يعرفوا «أين نذهب وماذا نفعل. كان هناك تغيير في الأوامر بشكل جنوني. ذهبنا إلى قرية ومن ثم غيّروا الأمر بالتوجه إلى قرية أخرى. كل مرة نجد مسلكاً ونستعد للدخول إلى المنطقة التي أمرنا بالتواجد فيها فيقومون بتغيير الأوامر».
وتحدث آخرون عن بلبلة في التخطيط للعمليات العسكرية وتبين أن هناك «عتاداً وأغذية وصلت الى الجبهة في اليوم الأخير وبقيت في منطقة العدو، دخلنا مع رأس مرفوع والعيون محدقة إلى الأمام، ولم ننظر إلى الخلف، ولكننا خرجنا مع شعور بمهانة قاسية».
وتحدث آخرون عن أن «الطائرات كانت تلقي الطعام أحيانا في مناطق يسيطر عليها حزب الله، أرسلوا للعدو صواريخ متطورة ــ صواريخ أغذية».
ونتيجة للجوع وفقدان التموين، قال أحد الجنود «بدل أن نركز في المهمة الملقاة على عاتقنا، تركّز تفكيرنا في البحث عن غذاء بعد مرور يومين من دون تزويدنا بالطعام».
ونقلت «معاريف» عن جنود روايتهم أن «قواتنا أطلقت الصواريخ والنيران بعضها باتجاه بعض». وتابع «كبرنا 30 عاماً بعد كل ما رأيناه... شاهدنا أصدقاءنا يسقطون... شاهدنا أعداداً من الجرحى لم يسبق أن سقط مثلها من قبل... كيف سيشعر الجندي عندما يعرف أن اثنين من أصدقائه قد دهستهما دباباتنا؟».
وركز جندي آخر حديثه عن إدارة القتال وقال «كنا نصل إلى بيوت معينة في القرى، ونبقى هناك أياماً من دون عمل نقوم به. ومن الواضح أننا سنتلقى ضربات من المقاومة اللبنانية لو بقينا هناك مدة أطول... ولكن هكذا كانت التعليمات... كانت هناك بلبلة شديدة وفوضى... لم تكن قيادة الوحدات تعرف ما هي الأوامر التي يجب أن تصدرها للجنود... في كل يوم كنا نضطر للصراخ على الجنود الآخرين بوقف إطلاق النار علينا».
واضطر بعض الجنود، بسبب حالة الضعف والوهن التي أصابتهم، وعدم تمكن قيادتهم من إيصال الطعام إليهم، الى «البحث عن طعام، مثل المساكين، داخل البيوت، وبعضهم بحث عن ثمار وخضار في الأراضي... وعندما كنا نلتقي مع مجموعات أخرى من الجنود، كان ينتهي بإطلاق بعضنا النار على بعض، أو بطلب الطعام».
وفي هذا الوقت، يسود الإحباط أوساط سلاح المدرعات نتيجة الضربات القاسية التي تلقاها خلال المواجهات، حيث أصيبت، وفق التقارير الإسرائيلية، "عشرات الدبابات التي شاركت في القتال في لبنان بمستويات مختلفة من الشدة". ويحمِّل قادة لواء المدرعات قادة الجيش الإسرائيلي مسؤولية عدم رصد المشاريع والاستثمارات المطلوبة لتطويره وإعطاء كل الأولوية لسلاح الجو، في ظل الكميات الهائلة للصواريخ المضادة للدروع التي تبيّن وجودها بحوزة حزب الله.
ويتهم ضباط في سلاح المدرعات هيئة أركان الجيش بأنها "لم تستشرف المستقبل" وبأنها "أعطت كل الأولويات لسلاح الجو ولم تستثمر في البر، وهو ما كلف أموالا كثيرة بسبب الدبابات المدمرة. وأسوأ من ذلك كلف دماء الجنود". (الأخبار)