نحمايا شترسلر ــ «هآرتس»
جرى التوضيح، في حرب لبنان الأولى، بأن من الصعب استخدام فرق مدرعات في منطقة جبلية. لكن، ولما كان الجيش الاسرائيلي يريد إحراز «صورة نصر» على الليطاني، فقد كان ينبغي العمل بسرعة، وكانت النتائج قاسية: 33 قتيلاً في ثلاثة أيام.
وقعت المعركة المريرة والباهظة الثمن، بشكل أكثر من كل المعارك الأخرى، في القطاع الأوسط، في وادي السلوقي. هناك اصطدمت الدبابات بخلايا حزب الله التي انتظرتها فوق الوادي في كمائن من النار الكثيفة لمضادات الدبابات.
قيل للجنود إن هذا «سجل إنهاء» للحرب وإن الأمر يتعلق بـ«معركة وعي» للإثبات لحزب الله بأن الجيش الاسرائيلي عاقد العزم. هذه كلمات وحشية على نحو خاص، أي وعي بالضبط أراد الجيش الاسرائيلي أن يحفره في قلوب رجال حزب الله؟ أن دبابة الجيش الاسرائيلي يمكنها أن تحترق؟
في تلك الأيام الثلاثة من القتال، تمكّن حزب الله من تحقيق إنجاز واحد آخر: إسقاط مروحية، خمسة من رجال فريقها قتلوا. كانت المروحية تحمل، قبل وقت قصير من الضربة، 30 مقاتلاً، وكان يمكن فقط التخمين ماذا كان سيحصل لو أن المروحية أُسقطت في حينها.
المنطقة التي احتلت في الساعات الستين تلك من القتال المرير والباهظ الثمن أُخليت الآن على عجل لأنها لا تتضمن أي جدوى. لم يصل الجيش الاسرائيلي إلى الليطاني. ولم تعد تطرح الفكرة الباطلة سلفاً في أن الدخول الى أعماق المنطقة سيسمح للجيش الاسرائيلي، بعد وقف النار، بتمشيط القرى المحاصرة من الخلف، وكذلك الإمساك برجال حزب الله ونزع سلاحهم. هذه الفكرة طواها النسيان تماماً. يسعى الجيش الاسرائيلي الآن الى الانسحاب بسرعة من المواقع التي استولى عليها خشية أن يصبح جنوده أهدافاً سهلة لحرب العصابات. وهو يريد أن ينسحب الى سلسلة التلال المشرفة على الحدود الشمالية، على مسافة كيلومترين منها. ليس أكثر.
إذا كان الأمر كذلك، لماذا انطلق الجيش الى هذه المعركة التي لا داعي لها؟ من أجل ماذا جرت التضحية بهذا العدد الكبير من القتلى والجرحى بين الجنود؟
وفي هذه الأثناء، يتبين أن حزب الله لا يتخلى عن سلاحه، وهو يبقى في جنوب لبنان. ومنذ الآن تتدفق عليه الأسلحة الجديدة من سوريا. وفي الشرق الأوسط أيضاً، لم يتأثروا بالخطة الاسرائيلية لإعادة عنصر الردع للجيش الاسرائيلي، فقد خرج الرئيس السوري بخطاب حازم ضد إسرائيل: «سنحرر الجولان بأيدينا وبتصميمنا». وفي إيران يهددون بالصواريخ على تل أبيب.
ولهذا لا يتعين لدان حالوتس أن يذهب الى البيت بسبب قضية الأسهم. هذه قضية صغيرة وهامشية جداً. عليه أن يذهب الى البيت، مع إيهود أولمرت وعمير بيريتس سوية، بسبب الأيام الثلاثة الأخيرة من القتال، التي لم يكن من داع لها.