strong>الحكومة اللبنانية مطالبة بـ«لفظ الجهات الإرهابية»
يحيا دبوق

دخلت إسرائيل، فجأة، في سجال سياسي حول ضرورة إبرام سلام مع سوريا، وكذلك مع لبنان. وقد رأى بعض القياديين السوريين أن عقد معاهدة مع لبنان أكثر سهولة من اتفاق مشابه مع دمشق، وسط انتقادات اعتبرت أن فتح هذا الملف في الوقت الراهن ليس سوى محاولة لحرف النقاش عن تداعيات الفشل في تحقيق أهداف العدوان الأخير.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت إن اسرائيل لن تتفاوض مع سوريا «حتى توقف دعمها للإرهاب، وتمتنع عن تقديم الصواريخ للمنظمات الارهابية، وتكف عن رعايتها»، مشيراً إلى ضرورة عدم التعلق بآمال عبثية.
وقال أولمرت إن «مبعوثي (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله يتلقون الأوامر من دمشق، وعلينا ألّا نغرق في الخيال ولكن يسعدنا أن نقبل من سوريا برنامجاً يأتي لنا بالثبات والاستقرار لمنطقتنا».
ودافع أولمرت عن أداء الجيش في الحرب، وعن ضباطه وقادته ورأى أنهم «أفضل الأبناء، ولا يصح أن نوجه لهم اللكمات كي يتمكنوا من الإعداد للمستقبل».
كما أثنى أولمرت على كلام وزير الدفاع اللبناني الياس المر الذي هدد باتخاذ خطوات ضد من يطلق النار على اسرائيل، ورأى أن كلامه غير عادي. وقال «إذا استمر (رئيس الحكومة فؤاد) السنيورة في هذا الطريق، فلا شك لديّ أننا سنتمكن بعد فترة قصيرة، من التوصل إلى حوار مباشر مع الحكومة اللبنانية»، مشيراً الى أن «مفاوضات كهذه يمكنها أن تؤدي إلى تطبيع علاقات مع لبنان، شرط أن تلفظ حكومته من داخلها الجهات الإرهابية المتطرفة التي سيطرت عليها».
وجاءت أقوال أولمرت تعقيباً على تصريحات وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، خلال مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، رأى فيها أن «اسرائيل تستطيع الانسحاب من الجولان مقابل سلام حقيقي».
واستحضر ديختر اتفاقيات السلام مع مصر والأردن التي سبق أن انسحبت اسرائيل بموجبها من مناطق جغرافية. وقال «نعرف جيداً ماذا يعني الثمن، ونحن مجربون في كل قضية. دفع الثمن أمام مصر والأردن، ورتبنا الأمور في النهاية». ورأى أن عدم نجاح هذا المسار مع الفلسطينيين لا يعني عدم نجاحه مع سوريا ولبنان، كما ان أي اتفاق مع دمشق سيوضح «للفلسطينيين أن لا طرف سيحقق أهدافه جراء حربه معنا».
لكن في ما يتعلق بالمياه، شدد ديختر على أنه «من الصعب التنازل عن قضية المياه في الجولان». وعلل موقفه بالقول إن «المسار السياسي أفضل من أي مسار عسكري مع السوريين واللبنانيين». ووفقاً لتقديره، «من الممكن أن تكون الشروط جاهزة للمفاوضات مع لبنان قبل سوريا. لبنان مستعد اليوم لأن يدخل في مسار مع إسرائيل من دون أن يحدث شيئاً في المقابل».
وشدد ديختر على أن سوريا دولة هامة في المنطقة وبالتالي «المفاوضات مع سوريا شرعية». والسؤال المطروح بشأن المفاوضات حول «ماذا ينبغي الحديث ومع من».
وأثار كلام ديختر ردوداً سلبية في المعسكر اليميني وإيجابية لدى بعض أوساط اليسار.
فقد رأى عضو الكنيست جلعاد أردن (الليكود) كلام ديختر بأنه محاولة لحرف النقاش عن الانشغال بإخفاقات الحكومة والمؤسسة الأمنية عبر الحديث عن سلام وهمي مع «الديكتاتور السوري».
وأشار أريه الداد (الاتحاد القومي اليميني) إلى أن ديختر سيقترح، وفقاً للمنطق نفسه، «إعطاء الجليل الى إيران»، فيما اتهم آفي ايتام الحكومة بأنها «ترفض استخلاص العبر من الانسحابات من لبنان وغزة التي عززت الخطر على أمن اسرائيل».
وعبر عضو الكنيست يوآل حسون (كديما) عن مفاجأته بأن يقترح ديختر السلام مع «دولة تراها الولايات المتحدة داعمة للإرهاب». ووفقاً لرأيه فإن «اقتراح التنازل عن هضبة الجولان لمصلحة نظام داعم للإرهاب وغير مستقر مثلما هي الحال في سوريا يضمن لنا فتح جبهة جديدة في الشمال».
في المقابل، قالت عضو الكنيست زهافا غلأون (ميرتس) إن «على اسرائيل البدء بمفاوضات مع سوريا من أجل نزع سلاح حزب الله وإخراجها من محور الشر». ورأى أن الاتفاق مع سوريا يفرض علينا إعادة الجولان إليها، ولكن «السلام مع سوريا من دون الجولان أفضل من هضبة الجولان من دون سلام».
وطالب عضو الكنيست، ران كوهين، الحكومة بأن تناقش في أسرع وقت مبادرة إجراء مفاوضات مع سوريا ولبنان حول عقد اتفاقيات سلام. ورأى أنه من الممنوع الجلوس وانتظار الحرب المقبلة، مشدداً على أن «الاتفاق في مقابل إعادة الجولان سيفصل سوريا عن إيران ويفكك حزب الله».
وفي الإطار نفسه، استبعد نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شمعون بيريز «إمكانية استئناف مفاوضات السلام مع سوريا قريباً، معتبراً أن الوقت لم يحن لحوار. وقال «اذا كان السوريون راغبين جدياً في استئناف المفاوضات فليس عليهم سوى إبلاغنا». وأضاف «حاولنا أن نتحاور مع سوريا خمس مرات وذهبنا بعيداً في مقترحاتنا حول هضبة الجولان، لكن كل ذلك لم يُجد». وتذرع بيريز بأن اسرائيل لا تستطيع في كل الأحوال «السعي وراء هدفين في وقت واحد، إذ إن علينا معالجة الملف اللبناني والفلسطيني أولاً».
يشار الى أن وزير الدفاع عمير بيرتس سبق أن دعا الى فتح حوار مع سوريا، وشكلت وزيرة الخارجية تسيفي ليفني مجموعة عمل حول سوريا من أجل التحضير لحوار محتمل مع هذا البلد. وكلفت ليفني ياكوف دايان رئاسة هذه المجموعة التي «ستدرس كل المشاكل بين سوريا واسرائيل بهدف الاستعداد سياسياً».
إلى ذلك، التقى أولمرت رئيس الوزراء السابق ايهود باراك، في الوقت الذي بدأ الحديث يتزايد عن إمكانية تأليف حكومة طوارئ، وهو ما يُذكّر بالوضع الذي آل اليه باراك بعد انطلاقة انتفاضة الأقصى في خريف العام 2000 عندما طرحت امكانية تأليف حكومة طوارئ أو حكومة وحدة في تلك الأثناء. ولكن مكتب أولمرت قال إنه تم البحث بين الرئيسين في مواضيع الحرب الأخيرة، و«لم يتم تناول مواضيع سياسية فيه». وأضاف أولمرت «لم يعرض على باراك أي وظيفة تذكر».
كما التقت رئيسة الكنيست الإسرائيلي داليا إيتسيك، التي دعت من على منبر الكنيست الى تأليف حكومة طوارئ، رئيس الوزراء وكرّرت طلبها هذا، علماً أن ايتسيك من المؤيدين لضمّ باراك إلى مثل هذه الحكومة.