معاريف - بن كاسبيت
خلافاً للتقدير السائد، لا يستبعدون في واشنطن استبعاداً تاماً استئناف الاتصالات بين إسرائيل وسوريا. بدأ الأميركيون، الذين أحرقوا الشرق الأوسط وهزوا أسسه بمنهجية في السنوات الأخيرة الماضية، يفهمون ماذا فعلت أيديهم. وبحسب المعلومات التي وصلت أخيراً الى القدس، فإن تغييراً يطرأ على الإدارة الإميركية. قسم كبير من المنظّرين من "المحافظين الجدد" ومفكري سياسة القوة لم يعودوا موجودين. خلفاؤهم ينظرون الى آثار سياستهم، الى العراق المحطم، الى إيران المتحولة نوويا، الى سوريا المتقدمة شرقاً، الى حزب الله الذي أصبح بطل العالم العربي، ويحاولون الخروج بنصيحة. الصحيح حتى الآن، أن مبادرة سياسية إسرائيلية لاستئناف المفاوضات مع سوريا، إذا نالت موافقة رئيس الوزراء، فإنها ستحظى بآذن صاغية في واشنطن.
وزير الدفاع عمير بيرتس فهم هذا قبل أسابيع طويلة. وهو يحاول، في الأيام الأخيرة، عبر دراسة تمهيدية، بلورة خطة. ولديه مهمة مزدوجة: إقناع أولمرت من جهة، والأميركيين من جهة ثانية. عيّنت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني "مسؤول مشروع" بهدف تنسيق الموضوع. ونأمل أن ينتهي هذا المشروع بشكل أفضل من المشروع السابق له، "الانطواء"، والذي بُنيت حوله كل الوزارة، الفريق والسياسة. والآن يتبيّن أن في محيط رئيس الوزراء إيهود أولمرت من يفكرون في الخيار. إخراج سوريا من دائرة الشر، وقف تيار الصواريخ طهران ـــ دمشق ـــ بعلبك، شل فعّالية حزب الله، إشراك حماس واستكمال دائرة السلام حول إسرائيل. كل هذا في مقابل هضبة الجولان. أولمرت يحتاج الى أجندة جديدة. المشكلة عنده، مثلما كانت عند كل أسلافه، هي أنه يتذكر ذلك بشكل متأخر أكثر مما ينبغي.
يفحصون في الولايات المتحدة منذ أسابيع خيارات مختلفة. تلقّى إدوارد جيرجيان، الذي يعدّ مقرباً من دوائر الحكم في دمشق وأدار عدداً من الوساطات بين واشنطن والقدس ودمشق، أخيراً تعييناً غير رسمي للحفاظ على الاتصال بالسوريين ونقل الرسائل. يعمل كثيرون، على هذا المحور في الجانب الإسرائيلي أيضاً. يبعثون برسائل ويتلقونها من اتجاهات مختلفة. الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأسد الأسبوع الماضي والذي ينطوي على نزعة القوة، كان إشارة واضحة: فقد تحدّث عن الخيار العسكري، لكنه قصد السياسي. الأسد هو الآخر يعرف أن حرباً بين إسرائيل وسوريا لن تشبه المحاولة الإسرائيلية لانتزاع صواريخ الكاتيوشا من المخابئ في بنت جبيل.