افتتاحية هآرتس
هناك وسائل عدة للتحقيق في حرب لبنان واستخلاص العبر منها، لكن الأخطر ألاّ يجري فهم وتعلّم العبرة الأساسية من هذه الحرب قريباً.
الجيش ليس مذنباً، وخاصة أنه كان منشغلاً بالأمن الجاري في المناطق (الفلسطينية المحتلة) منذ 40 عاماً، وبشكل أكثر دقة منذ عام 1987، أي منذ بدء الفلسطينيين بالتمرد على الاحتلال واستخدام العنف. إنه جيش فرض عليه أن يعمل على إحلال النظام وأن ينشغل بشكل أساسي في الدفاع عن إسرائيل قبالة إرهاب سكان تحت الاحتلال، جيش من دون موارد ومن دون وقت للاستعداد والتخطيط لحرب حقيقية.
يمكننا أن نواصل القول ليس هناك من نتحدث إليه، إلا أن تجربة التحدث إلى الحكومة الفلسطينية الجديدة لم تجر. إن كل من يرفض التحدث إلى حكومة جديدة منتخبة ويقوم باعتقال وزارء فيها، عليه أن يفكر في أن الجيش والمجتمع الإسرائيليين سيدفعان الثمن، ذلك أن الجيش النظامي والاحتياط يستخدمان فعلياً كمقاول لدى الشاباك، ويرافقانه لاعتقال مطلوبين وتنفيذ عمليات التصفية، مما يعوّق تدريب الجيش وتهيئته للقيام بعمليات قتالية أكبر، ضد عدو مهني وقادر.
جمعت خبرات غالبية الضباط الذين يواجهون حزب الله من خلال القتال في المناطق، ولهذا السبب يفكرون تماماً في ما يتناسب مع قتال كهذا، ذلك أن الجيش قد اعتاد أن يحدد له الشاباك هدفاً فيعمل على اعتقاله، أما في حالة حرب لبنان، فيشعر الضباط بالخيبة من المعلومات التي زودهم بها الشاباك.
الخطــــر المركـــــزي ألاّ يجـــري استخـــــلاص عبــــر صحيحـــة من الحرب غير الناجحة مع حزب الله، وألا يُبحـــــث عمـــــا هــو ممكن للتـــــــوصــــل الى اتفـــاق مـــع الفلسطينيــــين، أو يُعمــــل على دفــــــع الرأي العام الــــدولي لمساعدتنا على إيجاد تسوية للنزاع.
يبدو أن إسرائيل ستعمل على إيجاد حلول وموارد ضرورية لإجراء تدريبات عسكرية، وتستعد لأداء كل أنواع المهمات المطلوبة، وهناك رغبة في توفير المزيد من الأموال للجيش، وكأن ذلك هو الحل الصحيح لأمن إسرائيل، في الوقت الذي يستعد فيه غيره للحرب أيضاً.
على إسرائيل أن تعتـــرف بأن أمنهــــا يمكن أن يتحقق عبر اتفاقات، وأن تعترف بعدم قدرة دولة صغيرة على الانتصار في كل مكان وزمـــان. عليها أن تعتـــرف بـــــأن اتفاقاً مع الفلسطينيين من شأنه جلب الهدوء للجبهة الأهم، وهو ما يجب أن يجري بسرعة، كي لا يضيــــع وقت رئيس الأركان المقبل الذي سيحل مكان دان حالوتس، وكذلك وقت الجيش، في المحـــافظــــة على الأمـــن والنظـــام، بــدلاً من الدفاع عن الدولة.