لا تزال المسائل الساخنة التي أثارها العدوان على لبنان موضع نقاش واهتمام على الحلبة الإسرائيلية، وبقي موقف المستوى السياسي من مسألة تأليف لجنة تحقيق رسمية ضبابياً، في موازاة استمرار واتساع حركة الاحتجاج من قبل جنود الاحتياط.مهدي السيد

ركزت الصحف الإسرائيلية أمس على اتساع حركة الاحتجاج على طريقة أداء المستويين السياسي والعسكري خلال العدوان على لبنان، والتشكيك في حيادها السياسي. وبرز في هذا المجال انضمام سكان الشمال إلى النشاط الاحتجاجي، ومعهم جنود في قوات الاحتياط الإسرائيلية من اللواء الذي حارب في القدس إبان حرب الأيام الستة في العام 1967 ونشطاء الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل للمطالبة بتأليف لجنة تحقيق رسمية.
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن الانطباع السائد لدى مستشاري رئيس الحكومة ايهود أولمرت هو أنه لا مفر من تأليف لجنة تحقيق رسمية بمبادرة من الحكومة نفسها، موضحة أن موقف أولمرت كان يفيد بأن ثمة مجالاً لفحص الإخفاقات في الحرب في مستويات مختلفة، ولكن لا مجال لعمل ذلك من خلال لجنة تحقيق تؤدي إلى شل الجيش والحكومة لأشهر.
ورأى ميرون بنفستي، في «هآرتس»، أن «مطلب تشكيل لجنة تحقيق حول مجريات الحرب في لبنان، جدير بالدعم، لأنه دعوة إلى كشف الإخفاقات وتحديد المسؤوليات عن القرارات المتهورة والخاطئة وتقديم فاتورة الحساب عن الموت والمعاناة».
وتوقف بنفستي عند أنواع الحركات الاحتجاجية، فرأى أنها «تتغذى من تيارين متناقضين؛ أحدهما يسعى إلى إصلاح الخلل في آلة الحرب وإعداد الجيش لجولة معارك جديدة لإزالة الخزي والعار. أما التيار الآخر فيعارض الحرب، ويطلب معاقبة من قاموا بشنها على أمل أن يردع ذلك من يُحرضون على الحرب في المستقبل».
وبحسب بنفستي، إن «التيار المناهض للحرب الذي ينضم بصورة عفوية لكل حركة احتجاجية، سيجد نفسه بالتأكيد مساعداً في تعزيز الأحزاب اليمينية المتطرفة والشخصيات التي تدفع إسرائيل نحو استئناف الحرب». وحذر بنفستي من تداعيات نتائج الحركة الاحتجاجية على هذا التيار، موضحاً أنه «إذا نجحت الحركات الاحتجاجية ورحل أولمرت مع (وزير الدفاع عمير) بيرتس و(رئيس الأركان دان) حالوتس، فسيأتي مكانهم متطرفون من دُعاة الحرب. عنصريون ومتعجرفون ومُحرضون على الكراهية». وبالتالي إن «دُعاة السلام ومن يمقتون اليمين المتطرف ملزمون بتدارس صحة القرار بالانضمام إلى الحركة الاحتجاجية وتحويل مطلب لجنة التحقيق إلى وسيلة تؤدي إلى انقلاب سلطوي، لأن البديل سيكون أسوأ والحرب المقبلة ستصبح وشيكة» . وتوقف يئير أتينغر، في «هآرتس»، عند مصير الحركة الاحتجاجية، فرأى أن «اليوم الرابع للاحتجاج قرّب جنود الاحتياط المشاركين فيه من مفترق مصيري: هل تكون حركتهم مجرد سحابة عابرة من التذمر والشكوى، أم ستتواصل وتتسع وتؤدي إلى التغيير المأمولويضيف أتينغر أنه «في الوقت الذي يقوم فيه المتطوعون بتصميم شعاراتهم وبرنامجهم، يقوم الجالسون في خيمة الاحتجاج والمنظمون ببلورة الأهداف وخوض نقاشات طويلة». في المقابل، أشارت مايا بنغل، في «معاريف»، إلى الانطباع السائد في أوساط التيارات اليسارية ومفاده أن الاحتجاج يأخذ طابعاً وصبغة يمينية، خلافاً لادعاءات القيمين عليه. وقالت بنغل: إن الاحتجاج ضد قيادة الدولة يتعاظم، في الأيام الأخيرة، وتتزايد الأصوات الداعية إلى تأليف لجنة تحقيق رسمية، لدرس إخفاقات الحرب في لبنان.
وتنقل بنغل عن محافل يسارية قولها إنهم في اليسار غير واثقين من أن العجلات التي تحرك الاحتجاج هي أحداث الحرب. ونقلت عن زعيم حركة السلام الآن، ياريف أوفناهايمر، اتهامه المحتجين في خيمة الاحتجاج التي اُقيمت قبالة ديوان رئيس الحكومة باستغلال الحرب لتنفيذ انقلاب سلطوي.
وتطرق المحلل السياسي في «هآرتس»، ألوف بن، من جهته، إلى إلغاء خطة الانطواء، مشيراً إلى أن هذا الأمر يثير سؤالين أساسيين: ماذا يحدث في المناطق الفلسطينية في الوقت الحالي، وما هي جدوى استمرارية حكم اولمرت؟
ويرى بن أنه «على خلفية الحرب الفاشلة في لبنان، والدمار في الجليل، والإهانات العسكرية المخزية، تبدو المناطق الفلسطينية جزيرة من الاستقرار والهدوء». وبحسب بن، فإن «الشك في قدرة أولمرت على تنفيذ الانطواء كان قائماً حتى قبل حرب لبنان. ولكن إزالة هذه الخطة عن جدول الأعمال تنزع من الحكومة ومن كديما سبب بقائهما». وعلى هذا الأساس، يرى بن أنه «اذا كانت الحكومة أضعف من أن تخرج بمبادرة سياسية جديدة لتحل محل الانسحاب أحادي الجانب من الضفة، فمن الأفضل في هذه الحالة أن تُنهي مهام ولايتها في أسرع وقت ممكن».