بن كسبيت ــ «معاريف»ثمة تحديات أساسية ستواجهها اسرائيل في السنوات المقبلة: فإيران قد تحقق طموحها بامتلاك قوة نووية خاصة بها. وصواريخ «شهاب» المزوّدة برؤوس نووية ستكون التهديد الفوري لدولة اليهود. أما الدولة التي أقامها حزب الله في لبنان، فقد تلقّت في الشهر الأخير ضربة غير حاسمة، الأمر الذي أعطى مفعولاً عكسياً.
ارتفعت مكانة حسن نصر الله، وبات الآن يمثّل نموذجاً ومثالاً للتضحية في كل العالم العربي. أما سوريا فرفعت رأسها، وبشار الأسد يمتلك الآن 12 فرقة كوماندوس مدرّبة جيداً، وقوة مدفعية كبيرة (أكبر بكثير من التي يمتلكها الجيش الاسرائيلي)، وشبكة من الدفاعات الجوية (مضادة للطائرات).
وبالتالي من يريد أن يهزأ من سوريا فسيحصل بالضبط على ما حصل عليه بسبب السخرية من حزب الله (عندما تلقّوا صاعقة على رؤوسهم تقريباً). أما حماس فتسيطر في قطاع غزة، من دون مصر، وتقيم حالياً جهازاً خطيراً، وليس وصول تكنولوجيا إطلاق الصواريخ إلى الضفة الغربية إلا مسألة وقت فقط.
محور الشر محدد من طهران حتى دمشق، ومن هناك الى بيروت، ويصل حتى قطاع غزة والضفة. وكل هذا المحور يستهدف خنق اسرائيل وإقامة ذراع تهديد استراتيجية لن تسمح لها بمواصلة العمل بحرّية عندما يتطلّب الأمر ذلك يوم وقوع الأمر المخيف. والسلطة الفلسطينية تواجه خطر الانهيار التام، والأردن يتأرجح، ومصر ترتعد وتهتز، بل إن الشرق الأوسط كله يتململ مُهتزاً، ومُحدّقاً ومتوقّعاً، بانتظار فترة مليئة بعوامل تحديد المصير عند أبوابه. وكل الأنظار تتطلع الى اسرائيل، التي تعيش في أزمة داخلية، ليست بسيطة. يمر الجيش الاسرائيلي بأزمة قوية، وقوة ردعه مصابه بشدة، وتطلعاته باتت مخدوشة جداً.
كان من المنتظر أن تكون قيادة الدولة كلها متّحدة، وتقف بقوة إزاء هذه الأوضاع الخطيرة، وأن تستعد بكل طاقتها وقدراتها لإدارة هذه الأزمات والتعامل معها، ذلك أن حكومة مسؤولة كان لا بد لها من أن تفعل ذلك على الفور، وأن ترفض وتؤجل كل الصراعات الداخلية، وأن تنظر نحو الخارج، وتتخلّى عن كل تلك الصراعات الصغيرة، وتعكف على بلورة رد استراتيجي قوي ومناسب لتلك الأخطار الحياتية التي تهدد وجودها.
ولكن ما الذي يحدث في الواقع؟ الحقيقة هي أن اسرائيل في نهاية عام 2006، بعد وقت قصير على هذه الحرب المقلقة في لبنان، وقبل لحظات قليلة من الطاقة النووية الإيرانية، توجّه وتخصّص كل الطاقة فيها نحو كيفية البقاء والاستمرار السياسي، وهي حال رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس.