افتتاحية «هآرتس»
تواصل إيران كسب الوقت محاولة دفع الضغط الدولي عنها لتجميد برنامجها النووي. كان لافتاً هذا الأسبوع رفضها التوقف عن تخصيب اليورانيوم باقتراح مفصّل "للحوار"، عبر ردها على اقتراح الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين. رد تضمن رزمة امتيازات في مقابل تجميد البرنامج النووي. ويوم الخميس المقبل، سينتهي الموعد الذي قرره مجلس الأمن لوقف التخصيب، ولكن إيران تتصرف وكأنها غير قلقة.
تستغل إيران ضعف الولايات المتحدة التي تسعى الى فرض قرار مجلس الأمن بفرض العقوبات. ويستند حكامها الى المعارضة الثابتة لروسيا والصين لخطوات كهذه، والى الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة لإقناع حلفائها الأوروبيين بأن الوقت قد حان لإظهار التصميم الفعلي، وليس الكلامي فقط. والنتيجة هي أن تخصيب اليورانيوم يتواصل، وإيران تقترب من الموعد الذي تستكمل فيه البحث والتطوير والتجارب، وستكون قادرة على تفعيل منشآت نووية بإنتاج كامل.
يطرح البرنامج الإيراني تحدّياً كبيراً أمام الأسرة الدولية: هل يمكنها أن تردع دولة مصممة ومتطرفة، تدعو الى تدمير إسرائيل، عن امتلاك سلاح نووي، أم تكتفي بالتصريحات وفي النهاية تسلّم بالقنبلة الإيرانية؟ سيكون الجواب حاسماً في الحفاظ على النظام الدولي والإقليمي: إذا واصلت إيران الاستخفاف ولم تتعرض للعقاب، فإنها ستجعل القوى العظمى مجرد فزّاعات وستكتسب مكانة رائدة في الشرق الأوسط وتضع إسرائيل أمام تهديد وجودي.
تثير المصاعب التي تواجهها الأمم المتحدة في جهودها لتطبيق القرار 1701 وتجنيد ما يكفي من الجنود للقوة الدولية الموسعة في لبنان، شكوكاً كبيرة إزاء التصميم الدولي على التصدي للتهديدات من جانب العناصر المتطرفة في الشرق الأوسط، فمعروف أن إطلاق التصريحات الحماسية في الأمم المتحدة، أو صياغة قرارات كثيرة البنود، أسهل من إرسال مقاتلين الى المنطقة التي يعمل فيها حزب الله. ولكن القوى العظمى، التي ترغب في أن تظهر زعامة دولية وأداء دور إقليمي، مثل فرنسا وألمانيا، ملزمة بأن تظهر إرادتها بالأفعال أيضاً. ذلك أن إيران ستفسر الوهن والتردد في فرض وقف النار في لبنان على أنه إشارة أخرى على ضعف الأسرة الدولية إزاء التحدي النووي.
يجب على إسرائيل أن تتمسك بسياستها التي تترك للقوى العظمى مسألة المعالجة الديبلوماسية لإيران، ولكن عليها أن تذكّر أصدقاءها في العالم بخطورة التهديد الذي تطرحه القنبلة الإيرانية، والاستعداد أيضاً لوضع تفشل فيه الديبلوماسية. لكن ضعف حكومة إيهود أولمرت لا يبشر بالخير. مع ذلك، فإن المشاكل السياسية الداخلية لأولمرت، والحرب في لبنان، ليست سبباً لتأجيل الاهتمام بهذا الموضوع الوطني الرئيسي الذي لا خلاف جماهيرياً حوله.