أوجه الفشل العديدة التي ظهرت على أكثر من مستوى إسرائيلي خلال العدوان على لبنان، لا تزال موضع اهتمام ونقاش، في ظل اتساع دائرة المطالبين بضرورة تأليف لجنة تحقيق، وأخرى للتفكير بـ«المستقبل الوجودي لدولة إسرائيل».مهدي السيدتابعت الصحف الإسرائيلية أمس تركيزها على النقاش الدائر حول الموقف من تأليف لجنة تحقيق بفشل العدوان على لبنان، وأوجه الفشل، والمحافل السياسية والعسكرية التي يتعين عليها دفع ثمنه.
وواصل زئيف شيف، في «هآرتس»، تسليط الضوء على مكامن الفشل الذي أصاب الجيش الإسرائيلي خلال العدوان على لبنان، ورأى أن الفشل اللوجستي هو أحد الإخفاقات الكبرى والاستثنائية التي وقع فيها جيش الاحتلال خلال الحرب على حزب الله. ورأى أن هذا الفشل هو الذي قاد إلى أزمة الثقة في وحدات الاحتياط.
وأشار شيف إلى أن الفشل اللوجستي تمظهر في نواح عديدة أهمها مخازن الطوارئ الفارغة، والنقص في المياه والطعام الذي عانته الوحدات الأمامية، وصعوبات الإخلاء. وبحسب شيف، ليس ثمة نقاش في الجيش، ولا في أوساط الخبراء، لأسباب الفشل، وهو يوجب برأي شيف، خلافاً لمكامن الخلل الأُخرى، إقالات فورية للمسؤولين عنه ولا سيما في المنطقة الشمالية.
وعن الموقف الذي يتعين على رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت اتخاذه حيال تأليف لجنة تحقيق ونوعيتها، ذكرت «معاريف»، أن أولمرت عقد جلسة ليل السبت ــ الأحد، مع مستشاريه لبحث تأليف لجنة تحقيق في إخفاقات الحرب على لبنان. ونقلت الصحيفة عن اطراف مقربة من اولمرت، «تقديرها أنه قد يعلن عن اقامة لجنة تحقيق رسمية، إلى جانب تدارس امكان اقامة لجنة تحقيق حكومية».
وبحسب «معاريف»، ستخفّ الضغوط الشعبية عن اولمرت إذا تألّفت لجنة تحقيق قضائية، لأن لجنة التحقيق الحكومية ستبقى، مهما كانت صلاحياتها، خاضعة للحكومة التي عينتها.
أما «هآرتس»، فدعت من جهتها، في افتتاحيتها، إلى ضرورة الاستقالة الفورية لرئيس الأركان دان حالوتس، حتى قبل تأليف لجنة تحقيق، باعتباره المسؤول الأول والمباشر. وقالت الصحيفة: «يمكن للجنة التحقيق أن تمثّل المخرج الأخير أمام قيادة أضاعت طريقها، ودخلت وهي غير مستعدة الى الحرب، وأدارتها بتردد، وغيرت أهدافها على طول الطريق، ولم تكن مهيّأة للاعتراف بالفشل بعدما وقعت فيه».
وأضافت الصحيفة: «رغم إعلان رئيس الحكومة، ورئيس الاركان أيضاً، في مناسبات عديدة، أن المسؤولية تقع على عاتقهما، فإن تلك الكلمات لم تقترن بأي فعل. ولم يقدّم أحد استقالته، ولم يُقل أحد، الجميع يدافع عن الجميع، والجميع لا يجرؤون على أن يُحركوا حجراً من مكانه خوفاً من سقوط البناء الهش».
قائمة الإخفاقات والفشل آخذة في التزايد، ويتضح أن لا شيء تقريباً سار كما يجب. ووجدت الصحيفة صعوبة كبيرة في استيعاب «كيف أن دان حالوتس، الذي لم يقل من يجب أن يقال في الوقت المناسب، ولم يستخلص بنفسه العِبرة القيادية المطلوبة».
وأضافت «هآرتس» أن «مسؤولية الشخص المسؤول عن الجيش لا تحتاج إلى توضيح لأنها من المسلّمات. إن حالة البلبلة التي فشت في صفوف الجيش الاسرائيلي والفشل اللوجستي والقيادي، كلها يجب أن تُُدرس من اجل استخلاص العِبر، ولأن المسؤول عنها معروف سلفاً. فإن استقالة دان حالوتس، حتى قبل تأليف لجنة التحقيق، تعدّ أمراً ضرورياً».
بدوره، رأى يئير شبيرا، في «يديعوت أحرونوت»، أنه لا يوجد أدنى شك في أن لجنة تحقيق رسمية في حرب لبنان الثانية ستبصر النور.
وبحسب شبيرا، فإن الشرخ الذي أحدثته حرب لبنان الثانية أخطر من شرخ حرب الغفران 1973، «فالنسبة المرتفعة للمصابين بالصدمة في حرب لبنان تمثّل دليلاً ونتيجة، في آن، لأزمة الثقة بين الجنود وبين المستوى القيادي».
وأشار شبيرا إلى «أن حرب لبنان الثانية، أُديرت بانعدام كفاءة مثير للدهشة، ومن دون أي تفكير أو إبداع. وإذا ما أزحنا جانباً للحظة، التكنولوجيا المتطورة، فإن الخطوات التي اتُبعت تتلاءم مع عقيدة القتال التي كانت سائد في النصف الأول من القرن الماضي. وبالتالي فإن لجنة التحقيق ستتطرق إلى هذه المسألة حتما».
ويرى شبيرا أنه يتعين على إسرائيل أيضاً التفكير بالمستقبل الوجودي لدولة إسرائيل، وهو ما يستلزم تفكيراً استراتيجياً لا يمكن للجنة التحقيق الاضطلاع به. وعليه، يقترح شبيرا ضرورة تأليف لجنة آُخرى أو طاقم لهذه الغاية، لا سيما أنه يعتقد أن «الجولة المقبلة على الأبواب، وأن الفترة الزمنية الفاصلة بين الحروب آخذة في التقلص، حيث تستخلص حماس الدروس، بينما تهب رياح الحرب من سوريا وإيران».