آري شبيط ــ «هآرتس»
ما الذي يجب فعله؟ ليس الكثير. منع استئناف الحرب في لبنان، والانتصار فيها إذا تجددت. منع اندلاع الحرب مع سوريا، والانتصار فيها إذا اندلعت على رغم ذلك. منع تحوّل إيران الى قوة نووية، وردعها إذا أصبحت كذلك. بناء الجيش الاسرائيلي من الأساس. ترميم المنظومة السياسية فوراً. إيجاد قيادة رسمية لا مثيل لها. وبلورة استراتيجيا قومية بين ليلة وضحاها. إحداث تغيير في طبيعة النظام. قيادة ثورة قيمية وإعادة بناء الجمهورية الاسرائيلية.
الجدول الزمني قصير. وقف إطلاق النار في لبنان ليس مستقراً ولن يكون كذلك. تطل من تحته معضلة التسليم بتعاظم قوة حزب الله أو العمل ضده بالقوة والمخاطرة بالتصعيد. يسود على الحدود السورية أيضاً غموض تام. سيناريو توجيه ضربة خاطفة لسورية في الجولان هو سيناريو ذو معقولية غير متدنية كثيراً. أما في مواجهة إيران، فالصورة واضحة جداً: ستحين لحظة الحسم خلال الشتاء المقبل. إذا هاجمت الولايات المتحدة فإن اسرائيل ستتعرض للهجوم. وإذا لم تشن الولايات المتحدة أي هجوم فستقف اسرائيل أمام التحدي الوجودي الأصعب منذ إقامتها.
مُحقّون من يدّعون أنه لا يوجد أي مكان للمقارنة بين وضع نهاية حرب لبنان الثانية ووضع أواخر حرب يوم الغفران. الوضع اليوم دراماتيكي بشكل لا يمكن تقديره، فهو الآن هش وأكثر خطورة مما كان عليه عند انتهاء حرب 1973.
في خريف 1973، وقفت اسرائيل على باب عهد من دون هجمة خارجية. أما في أواخر صيف 2006 فهي أمام معقولية عالية لحدوث هجوم خارجي وشيك. في خريف 1973، كانت اسرائيل في نظر جيرانها دولة جريحة وقوية. أما في أواخر صيف 2006، فهم يعتبرونها مجروحة وضعيفة. في خريف 1973، اعتُبرت اسرائيل من قبل القوة العظمى الأميركية أسداً نازفاً. أما في أواخر صيف 2006 فهي تعتبر في نظر الولايات المتحدة كلب صيد أصابته السُمنة، فأصبح جباناً وعديم الجدوى. في خريف 1973، خرج الجيش الاسرائيلي من المعركة وقادته يهدّدون القاهرة ودمشق. في أواخر صيف 2006، يخرج الجيش الاسرائيلي من المعركة بينما لا يشكل قادته، أدم وكابلنسكي وحالوتس، أي تهديد حتى على مرتفعات الخيام. في خريف 1973، كان يقود اسرائيل غولدا مئير ودايان وألون وسفير وآبا إيبان ورابين وبيريز. في أواخر صيف 2006، أصبحت قيادة اسرائيل، طال زلبرشتاين وشولا زاكين. في خريف 1973، كانت اسرائيل دولة قوية أخطأت وأصيبت بضربة لتنهض على قدميها منها. أما في أواخر صيف 2006، فإسرائيل دولة مصابة بوباء الانحلال الذي يفسد نُظم حياتها.
هذا هو سبب وجوب الاندفاع الآن نحو حديقة الورود في القدس. ليس لأن على أولمرت أن يذهب. سيذهب أولمرت في كل الأحوال. وليس لأن على حالوتس أن يتحمل المسؤولية، فهو سيتحملها شاء أو أبى. على الناس أن تتدفق نحو حديقة الورود لأن اسرائيل تبدأ من هناك عملية المواجهة مع نفسها. هناك يبدأ الناس الحقيقيون في قول الحقيقة للأمة التي نسيت طعم الحقيقة كيف يكون.
جدول أعمال اليوم هو واحد: القوة الاسرائيلية. لن يكون هناك سلام، ولن يكون هناك نهاية للاحتلال، من دون تجديد القوة الاسرائيلية. لن تكون هناك حضارة، ولن يكون هناك مجتمع حُرّ من دون تجديد القوة الاسرائيلية.
ولكن تجديد القوة الاسرائيلية لا يمكن أن يتم من دون أخلاق ومن دون حقيقة. لن يتم من دون تواضع أو موضوعية. من دون استعادة الثقة والشعور بالمسؤولية. لذلك على رئيس حكومة الغرور ورئيس هيئة أركان العجرفة أن ينصرفا. ليس فقط لأنهما أخطآ على طول الدرب، وليس فقط لأنهما أخطآ وضلّلا وجلبا المصيبة. وإنما لأن الخلاص منهما سيكون خلاصاً من التشويه القيمي الذي يمثّله كلاهما. سيكون الخلاص منهما خلاصاً من الرياح الشريرة التي ضربتنا طوال سنين. لن يحل الخلاص من أولمرت وحالوتس المشكلة العميقة، لكنه سيتيح المجال أمام بداية المواجهة معها. هذا الأمر سيُخرج اسرائيل الى الرحلة الطويلة نحو البداية الجديدة.
صحيح: احتجاج حديقة الورود بريء. هو ليس ممركزاً ومبلوراً بدرجة كافية. يفتقد هذا الاحتجاج الى التصور المنظم. ولكن جنود الاحتياط السبعة وضباط الاحتياط السبعة الذين بدأوا الاحتجاج هم أفضل من في اسرائيل. لذلك، فإن حديقة الورود، حيث الاحتجاج، هي المكان الأهم في البلاد الآن. حديقة الورود هي المكان الذي يحاول فيه التصحيح الاسرائيلي الأكبر أن يبدأ.