strong>تجنب رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت «سيناريو الرعب»، بتهربه من تأليف لجنة تحقيق رسمية، والاستعاضة عنها بثلاث لجان حكومية أثارت موجة انتقادات واسعة من أطياف القوس السياسي الإسرائيلي كافة.مهدي السيد

استحوذ قرار أولمرت تشكيل لجان ثلاث للنظر في إخفاقات العدوان على لبنان، على اهتمام الصحف الإسرائيلية التي انتقدته، بغالبيتها، فعدته تهرباً من تأليف لجنة تحقيق رسمية تتمتع باستقلالية وصلاحية واسعة، مشيرة إلى أنه أشبه بورقة التين التي يأمل رئيس الوزراء من خلالها طمس معالم الفشل، والتفلت من تداعياته، ولا سيما على المستوى الشخصي والسياسي. وكان أولمرت قد أعلن أول من أمس تأليف لجان لتفحص الحرب في مسارات ثلاثة: مكتب مراقب الدولة الذي سيركز على استعداد الجبهة الداخلية؛ لجنة شاحك لفحص أداء الجيش واستعداده للتهديدات المستقبلية، ولجنة أدموني لفحص أداء المستوى السياسي ومسؤولياته.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن المشاورات الداخلية التي جرت في منزل أولمرت طرحت حجة مركزية واحدة ضد تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وهي «التخوف من أن يشل فحص اللجنة المنظومة السلطوية والعسكرية لفترة طويلة، يرفع في نهايتها تقريراً إلى الحكومة لا يقترح تعديلاً حقيقياً للإخفاقات التي كُشفت في حرب لبنان الثانية». لكن الصحيفة أشارت إلى الخلفية الحقيقية لقرار أولمرت وهي «العداء الكامن وانعدام ثقة باستقامة قضاة المحكمة العليا». ووصفت الصحيفة قرار تشكيل لجنة رسمية بأنه «سيناريو الرعب» وأن أولمرت يكون بذلك قد «بعث برأسه في مغلف إلى القضاة» بحسب وصف مسؤول رفيع المستوى مقرب من رئيس الحكومة.
أما زئيف شيف فدعا من جهته، في «هآرتس»، إلى ألا يكون «هدف هذه اللجان قطع الرؤوس أو تصفية الحسابات بين السياسيين، بل البحث عن الحقيقة وكشف العيوب وأوجه الخلل والقصور، وكشف المسؤولين عن هذه العيوب عند الضرورة، من أجل إصلاح ما مضى والاستعداد لما هو آت». وبعدما أشار إلى أنه لم يكن ثمة احتمال، منذ البداية، لأن يكون الجميع راضين عن نوع اللجنة التي عُينت وصلاحياتها، طالب شيف بأن يُنجز عمل اللجنة بسرعة وألا يؤدي تجميع الأدلة إلى تشويش التحقيقات العملانية للجيش الإسرائيلي. واقترح شيف على اللجان ضرورة التحقيق في عدد من المسائل المتعلقة بإخفاقات الحرب لجهة جهوزية المستويات العسكرية كافة التي خاضتها، وأداء المستوى السياسي والاستخباري، وجهوزية الجبهة الداخلية ووحدات الاحتياط.
بدوره أعرب يوسي ساريد، في «هآرتس»، عن أمله لو «أن أولمرت اقتدى بالسيد حسن نصر الله، لناحية الاعتراف بتبني تقديرات خاطئة في بداية الحرب بدل استبدال الوظائف معه». وتساءل: «كيف انقلبت الأمور على هذا النحو؟».
وأضاف ساريد أن وصمة العار التي خلفتها الحرب على لبنان «ستبقى تطارد أولمرت وعمير بيرتس ودان حالوتس. كما سيطاردهم شبح لجنة التحقيق الرسمية ليل نهار».
وتوقف نحميا شنرسلر أيضاً، في «هآرتس»، عند قرار أولمرت تشكيل لجان الفحص، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة «كرس لهذه المسألة خمسة أيام، بينما قام باتخاذ قرارات شن الحرب بسرعة خاطفة». وقال إنه «لو قام أولمرت بتخصيص يومين أو ثلاثة في ذلك النهار المتسرع والمرير (الثاني عشر من تموز) للتحقق من خطة الجيش وتحليل النتائج والتطورات المحتملة، لما كان عليه أن يؤلف لجنة تحقيق اليوم. ولكن كيف يمكن المقارنة أصلاً؟ اليوم تتعلق المسألة بمصيره الشخصي، أما في الثاني عشر من تموز فالأمر كان متعلقاً بشن الحرب فقط، بقتلاها وجرحاها ودمارها الفادح على المجتمع والاقتصاد».
في المقابل، رأى المعلق الرئيسي في «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنيع، أن «اللجنة التي أعلن عن إقامتها أولمرت أمس هي أهون الشرين. فمع أنها تعاني من عيوب كثيرة، لكنها تصبح قزماً إزاء شدة الضرر الكامنة في البديل، أي لجنة تحقيق رسمية». وأشار برنيع إلى أنه «مع كل ذلك، هذه اللجنة أفضل من لجنة تحقيق رسمية. صحيح أن أولمرت له مصلحة شخصية في منع إقامة اللجنة الرسمية، ولكن عندما يحذر من أن إقامة اللجنة ستشل الجهاز العسكري والمدني لفترة طويلة، فإنه ينطق بالحق. إذا كان الاستنتاج من الأخطاء الكبيرة التي وقعت في الحرب هو أنه يجب عزل رئيس الحكومة ووزير الدفاع، فإن العنوان الصحيح هو الكنيست، أو صناديق الاقتراع، أو المؤسسات الحزبية التي يعتمدان عليها».
وفي هذا السياق، رأى بن درور يميني، في «معاريف»، أن إسرائيل، بقرار أولمرت، تكون نجت من عقوبة لجان التحقيق الرسمية، حيث شُكلت لجنة مهنية وموضوعية لا تهدف إلى قطع الرؤوس، بل إلى إصلاح الخلل. وبحسب يميني، فإن لجنة التحقيق الرسمية تشكل كارثة لأجيال، وإنه ما من لجنة تحقيق رسمية صمدت توصياتها أمام اختبار الزمن.