بضع ثوان على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال «ال بي سي» كانت كافية لإثارة الاهتمام من جديد بمصير الطيار الإسرائيلي المفقود منذ العام 1986، رون آراد، وطرح موجة من الأسئلة حول مصيره، ومدى صحة الصورة التي نُشرت وحقيقتها، والهدف من نشرها وخلفية توقيته، فضلاً عن الأسئلة عن كيفية وصول الصور إلى هذه المؤسسة غير المحسوبة على حزب الله، وسبب اختيارها لعرضها. ويظهر الاهتمام الإسرائيلي بالموضوع من خلال تصدر الخبر لواجهة الصفحات الأولى في الصحف الإسرائيلية اليومية الكُبرى، والأسئلة التي وجهتها بشأن هذه المسألة.
فقد طرح معلق الشؤون الأمنية في «هآرتس»، يوسي ملمان، مجموعة من الأسئلة التي تشغل بال المهتمين في إسرائيل، أهمها: هل يتعلق الأمر بمادة أصلية؟ هل يمكن لهذا الفيلم تسليط الضوء مجدداً على القضية؟ متى تم تصويره؟ لماذا سُلم الآن للنشر والعرض؟ من يقف وراء الموضوع؟ ومن صاحب المصلحة في الشريط؟
وبحسب ملمان، لا أحد من المسؤولين الرسميين في إسرائيل يملك أجوبة عن هذه الأسئلة، وهي تبقى من قبيل التكهنات.
وعن مصدر الشريط، يرى ملمان أنه لا يوجد حتى الآن ما يعزز ادعاء المحطة التلفزيونية بأنه أصلي. ومع ذلك، فقد رجح شقيق آراد أن يكون رون آراد هو من ظهر في الصور. لكن رغم ذلك، لم تستبعد محافل استخبارية في إسرائيل احتمال حصول تزوير. وقالت هذه المحافل إنه يمكن اليوم، بفضل التكنولوجيا المتطورة، فبركة صور «ستيلس» وتحويلها إلى صور فيديو بحيث تبدو حقيقية بشكل شبه تام.
ويرى ملمان أنه حتى لو كان الأمر يتعلق بشريط حقيقي يظهر فيه آراد، فإنه، وفقاً لتقديرات رجال الاستخبارات السابقين ممن تولوا متابعة موضوع الأسرى، لا يتضمن ما من شأنه تسليط ضوء جديد وجلب معلومات يمكن الاستنتاج منها ماذا حل بالملاح الإسرائيلي. وتستند هذه المحافل بهذا الشأن إلى الشبه الموجود بين الصورة التي بُثت في هذا الشريط وتلك المعروفة عن آراد من فترة اعتقاله.
وتتطرق الأوساط الإعلامية في إسرائيل إلى مسألة توقيت النشر، فتقول إن الخبراء في إسرائيل يجدون صعوبة في هذه المرحلة في فهم مصلحة من سلم الشريط، وتسليمه تحديداً إلى المؤسسة اللبنانية للإرسال، وخاصة أن إسرائيل عرضت مكافأة مالية بقيمة 10 ملايين دولار، لكل من يقدم معلومات عن آراد. وبالتالي، تستبعد الوساط الإسرائيلية أن تكون المحطة التلفزيونية دفعت مبلغاً مماثلاً في مقابل الشريط.
ومع ذلك، لا تعتقد محافل استخبارية إسرائيلية أن يكون حزب الله أو إيران هما من سلم الشريط كي يتم عرضه الآن تحديداً، كجزء من الحرب النفسية ومن المفاوضات للإفراج عن الجنديين الإسرائيليين الأسيرين، إذ إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يحاول، بحسب هذه المحافل، إبعاد منظمته عن هذا الموضوع، ولذلك فوض الرئيس نبيه بري بإدارة المفاوضات.
ويجمل ملمان هذا الموضوع بأنه، باستثناء الضجة الإعلامية التي تنبع من حقيقة أن آراد يبدو في الشريط للمرة الأولى، ليس ثمة ما من شأنه أن يؤدي إلى حصول انطلاقة ما في القضية المؤلمة المستمرة منذ عشرين عاماً. غير أن ثمة أمراً واضحاً الآن وهو أن الأسرة الاستخبارية الإسرائيلية ستبذل الآن جهوداً كبيرة لمعرفة من أين جاء الشريط إلى المحطة التلفزيونية، ولماذا لم تعرف إسرائيل بأمره حتى الآن.
بدورها، قالت «يديعوت أحرونوت» إنه ليس واضحاً بعد ماذا سيتضمن الشريط الذي يهتم بآراد، والذي ستبثه محطة تلفزيونية محسوبة على الطائفة المسيحية في لبنان، وتملكها السعودية، بحسب تعبير الصحيفة نفسها.
وبحسب معلومات حصلت عليها «يديعوت»، فإن هذا الشريط نُقل إلى هذه المحطة من حزب شيعي في لبنان، كان مقرباً في السابق من حزب الله، وإنه لم يصل من حزب الله نفسه، وثمة شك في ما إذا كان الحزب سينقل الشريط إلى شبكة تلفزيونية محسوبة على المسيحيين في لبنان.
أما «معاريف» فقالت من جهتها إنه بعد عشرين عاماً على سقوط آراد في الأسر، أُثير مجدداً لغز اختفائه ومصيره. وبعدما تطرقت إلى عرض المؤسسة اللبنانية للإرسال للشريط المصور الخاص بأراد، أشارت الصحيفة إلى أن المؤسسة ستعرض فيلماً صور في مزارع شبعا، في الموقع الذي أُسر فيه ثلاثة جنود إسرائيليين في العام ألفين. وبحسب الصحيفة، فإن الفيلم صور بنوعية غير مهنية، وليس واضحاً مما نُشر إذا كان الأمر يتعلق بتصوير حقيقي للحادث.
وقالت «معاريف» أيضاً أن المؤسسة اللبنانية للإرسال تتمتع بشعبية عالية جداً في لبنان والعالم العربي، وأنها محسوبة على الطائفة المسيحية في لبنان، وليست مقربة من حزب الله. وذكرت الصحيفة أن معلومات حصلت عليها تفيد بأنه كان يُفترض عرض الفيلم التحقيقي قبل أشهر على محطة «المنار».
(الأخبار)