strong>استعد لـ«مناورة افتراضية» حال العدوان دون إجرائها
حيفا ــــ الأخبار

الفشل في لبنان لا يزال مدار بحث في الأروقة الإسرائيلية، ومحاولات التغطية على الإخفاق مستمرة، وآخرها الكشف عن «لعبة» إلكترونية، كان من المفترض أن «يتدرب» خلالها جيش الاحتلال على مواجهة حرب العصابات التي اتّبعها حزب الله في مواجهة قوات الاحتلال في جنوب لبنان.
ويرى محللون أن الكشف عن برنامج كهذا يصب في خانة محاولة إنقاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، والإيحاء أن ما جرى في جنوب لبنان، لم يكن سوى «قلة تدريب»، وأن الجيش الإسرائيلي سيكون أكثر استعداداً في مواجهة أخرى.
وذكرت صحيفة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية أنًّ الجيش الإسرائيلي خطّط، قبل اندلاع الحرب على لبنان، لـ«مناورة حربية وهمية» (عن طريق الكمبيوتر) يتّبعها الجيش الإسرائيلي في ما بعد كأسلوب قتالي، قبالة الجيوش غير النظامية، المتمثلة الآن بحزب الله.
أعدَّ هذه «المناورة الوهمية»، مدير عام شركة الصناعات الحربية الإسرائيلية (رفائيل) والقائد السابق لسلاح البحرية الضابط يديديا يعاري. وتتضمن الخطة «تفعيلاً مغايراً» لقوات الجيش الإسرائيلي. إلا أنَّ حرب لبنان الثانية حالت دون تنفيذها.
فقد كان من المفروض بدء العمل عليها في 13 آب الجاري لتأتي تحت عنوان «الحرب الإسرائيلية على الإرهاب»، المشتقة، حسب الادعاء الإسرائيلي، من «الحرب العالمية على الإرهاب». بحيث يبلور خلالها الجيش «رؤية قتالية» جديدة وحرب «ليست متجانسة» ضد طريقة «حرب العصابات» المتمثلة بقتال حزب الله.
خطَّط القائمون لأن يجري «التمرين الافتراضي» بدايةً عن طريق الكمبيوتر، واستدعى الجيش عشرات الضباط والجنود الإسرائيليين ممن «اختيروا بحرص» للمشاركة في «اللعبة». إلا أنّ أسر الجنديين الإسرائيليين في الثاني عشر من تموز «حرق كل الأرواق»، كما جاء في الصحيفة.
وقال أحد القائمين على المشروع «خسارة، لقد اندلعت الحرب مع حزب الله في وقت مبكر». لكنّه أضاف «قد يكون هذا أفضل. هكذا تتم اللعبة (المناورة الوهمية) على أساس العبر التي سنستخلصها من الحرب وستكون اللعبة محددة أكثر، وأكثر واقعية».
ارتكز الجيش الإسرائيلي، كما كان في مناورات سابقة، على معطيات اليوم نفسها. أي على «قيام حزب الله باستفزاز الجيش» يليه «رد إسرائيلي سريع»، يقوم حزب الله في المقابل بـ«قصف بلدات الشمال». ويتركز «الأسلوب الحربي الجديد» على «نطرية قتالية جديدة»، أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم «قتال متناثر».
كانت تلك المناورة «قمة المسيرة العسكرية التي اتّبعها الجيش الإسرائيلي منذ أواسط عام 2003»، حسبما قال القائمون عليها. ففي شهري آذار ونيسان من العام نفسه، احتل الجيش الأميركي العراق. وفي الفترة نفسها، في أعقاب عدوان «السور الواقي»، بنى الجيش الإسرائيلي جدار الفصل واتّبع سياسة الاغتيالات المحددة، التي يدّعي جيش الاحتلال أنها «أطفأت» انتفاضة الأقصى. وعندئذ رأى قائد أركان الجيش الإسرائيلي في حينه موشيه يعالون أن الفترة «مناسبة» للجيش الإسرائيلي لاتّباع «رؤية جديدة» في المجال العسكري.
استعان يعالون، في حينه، بمستشاره الشخصي، الضابط عاموس ليهمن، وألّف طواقم مختلفة تعمل على تطوير الرؤية العسكرية وطرق تنفيذها. من بين رؤساء الطواقم، كان هناك قائد أركان الجيش الإسرائيلي الحالي دان حالوتس، ونائب قائد الأركان السابق غابي اشكنازي، الذي يشغل منصب مدير عام وزارة الأمن. وعملت الطواقم المختلفة على فحص أفكار قدمّها يعالون، وطواقم أخرى عملت على مقارنة «الواقع بما يريده الجيش الإسرائيلي»، وطواقم فحصت مدى إمكانات الجيش لقتال الفلسطينيين.
وتوصلت الطواقم إلى رؤية تنفيذية أخرى وبناء قوة عسكرية أخرى منها توصيات لقيادة الجيش الإسرائيلي. وقد عرض الجيش على الأميركيين هذه الرؤية ولقيت «ردود فعل متحمسة». ونشرت هذه التفاهمات في كتاب «القتال المتناثر ــ القرن الـ21»، الذي ألّفه يديديا يعاري وحاييم آسا، الذي شغل منصب رئيس الطاقم الاستراتيجي في حكومة اسحق رابين 1992 ـــ 1995.
كان الاثنان يتحدثان دائماً بنوع من «التهكم» أمام يعالون. كانا يقولان له إنَّ «الجيش الإسرائيلي مستعد دائماً ولكن لحرب مثل حرب 1973، لكنَّه لا يملك الأدوات لحرب القرن الواحد والعشرين». وقال الاثنان أيضاً ليعالون إن «الخطر» الذي من شأنه أن يواجه الجيش هو حرب «قبالة جيوش غير نظامية» مثل الحرب قبالة حزب الله. وأشارا إلى «أنَّ الجيش الإسرائيلي واستعدادته ليست ذات صلة أمام قتال حزب الله اليوم». ورأيا أن الحرب التي تتّبعها إسرائيل لن تستطيع الكشف عن «رأس الأفعى»، بالضبط كما حصل في الحرب أمام حزب الله. وأشار يعاري وآسا إلى يعالون «أن الجيش الإسرائيلي لا يستوعب التهديد الذي يشكله حزب الله».
يذكر أن يديديا يعاري واحد من أعضاء اللجنة التي عيَّنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، للتحقيق في قرارات المستوى السياسي أثناء «حرب لبنان الثانية». وقال يعاري، في مقابلة مع الصحيفة نفسها حول هذا الموضوع، «يجب أن نتوصل إلى وضعية نقوم من خلالها بتثبيت قوة منّا في مقابل حزب الله. في بنت جبيل وفي مارون الراس. كان علينا أن نضع قوات في الأماكن التي نسيطر عليها وأن نجلس هناك أسابيع وننتظر. وعندما يطلقون النار علينا نرد عليهم بالنار أيضاً، بعد ذلك نقوم بعمليات تمشيط فورية. وأن نستوضح جيداً أين تتمركز عصابات الجيش الآخر. هكذا لن يتعرض جنودنا الى خطر كبير».
وانتقد يعاري أسلوب «دفاع الجيش الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «النسبة بين الدفاع والهجوم مضروبة». وقال إن على إسرائيل أن «تعمل أكثر على الدفاع وإقامة خط دفاعي بمساعدة التكنولوجيا على مراحل عدة. تكون المرحلة الأولى إيجاد حل لقذائف الكاتيوشا، والثانية تطوير طرق من سلاح الليزر لضرب القدرة الصاروخية. سيكون التجديد حسب الرؤية الجديدة هو تطوير القتال المتناثر المرتكز على وحدات قتالية يشكلها عدد قليل من الجنود».