strong>تشهد الساحة الإعلامية في إسرائيل سجالاً متواصلاً حول لجان التحقيق في العدوان على لبنان لجهة الموقف من جدواها وضرورة تأليفها. ويبرز ميل إلى التشكيك في صدق نية رئيس الحكومة إزاء التوصل فعلاً إلى كشف الحقيقة.عكست الصحف الإسرائيلية حدة السجال الإسرائيلي بشأن مسألة لجان التحقيق والصلة بين تأليفها وبين حسم نتيجة الحرب لجهة الفشل أو الانتصار، متسائلة: إن كان ما حصل انتصاراً فعلاًً فلماذا إجراء تحقيق؟
ورأت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، أن لجان التحقيق «ستجد صعوبة في استيضاح ما حصل فعلاً خلال الأسابيع التي مرت منذ الثاني عشر من تموز، وربما يعود ذلك إلى أن هذا الأمر يتطلب الدخول إلى عقول المقربين من رئيس الحكومة ــ أولئك الذين يقدمون له النصائح عن كيفية تحويل الفشل إلى انتصار، والخزي إلى نجاح، والاحتجاج إلى تأييد».
وأشارت الصحيفة إلى سعي حثيث لتصوير العدوان على أنه نجاح، متسائلة «إذا كان الأمر يتعلق فعلاً بنجاح، فلماذا يجب إجراء التحقيق؟»، محذّرة من تهرب أولمرت من تحمل المسؤولية ومن عدم استخلاص العبر، ومن رغبة «اصحاب القرارات في دفع أي ثمن».
وقالت «هآرتس» إن «ميزة انعدام الثقة تكمن في أنها تتغلغل ببطء. فالخشية من ألا يكون الجيش الإسرائيلي والجبهة الداخلية مستعدين للحرب المقبلة، والإدراك أنه سيكون على سكان الملاجئ أن يدفعوا من جيوبهم مصاريف الحرب المقبلة ونفقاتها، كل هذه الأمور ستمسّ المنعة الوطنية».
وتوقفت بمبي شيلغ في «معاريف»، عند المسألة عينها لتشير إلى ضرورة تأليف لجان للتحقيق في المشاكل الحقيقية التي يعانيها المجتمع الإسرائيلي، فرأت «أن التغييرات والهزات في المجال السياسي لن تُسلط الأضواء الكاشفة على المجال الذي لأجله يتعين تأليف لجنة تحقيق رسمية. فاللجنة التي لن نؤلفها هي لجنة تحقيق رسمية للبحث بالعمق في وضع المجتمع الإسرائيلي».
وبحسب شيلغ «يقف المجتمع الإسرائيلي أمام مخاطر وجودية، وهو لا يملك الوقت اللازم للنظر عميقاً في وضع القطاعات المختلفة من الناحية الاقتصادية». وأشارت شيلغ إلى «أن قراءة دقيقة لنتائج استطلاعات الرأي التي أُجريت نهاية الاسبوع الماضي، عن وضع المنظومة السياسية، تشير إلى تحطمها وانهيارها، وإلى أن الجمهور لا يشخّص وجود قوة مركزية مؤهلة وقادرة على أن تأخذ على عاتقها قيادة الدولة. فهذا المُعطى يثير القلق على نحو خاص، ذلك أن هذا الوضع السياسي المهتزّ وغير المستقرّ، يُمثّلل ميداناً مريحاً لصعود قوى شعبية ديماغوجية، الأمر الذي يُنذر بوقوع الكارثة».
بدوره قال زئيف شترنهال في «هآرتس»، إن «ايام الازمة النفسية، كهذه التي نعيشها، تمثّل ارضية خصبة للمخاطر. فبدلاً من المساعدة في معالجة المرض من خلال عمليات تنظيف جذرية للجراح، يزيد اولمرت حدته. المناورة القبيحة المتمثلة بتعيين لجنة حكومية ليست مخزية له فقط، بل لكل من يتعاون مع محاولته لإنقاذ جلده حتى من خلال إحداث تشويه في الثقافة السلطوية الاسرائيلية. وإذا كان متأكداً جداً من صدق موقفه، فلماذا يتهرب من التحقيق الحقيقي؟ ففي مطلع الاسبوع كانت هناك فرصة بعد للاختيار بين الاحتجاج الشعبي وبين عملية تحقيق رسمية. الآن لم يعد هناك خيار، لأنه خلافاً لمن سبقوه (غولدا مئير ومناحيم بيغن) اللذين أخطآ بصورة جسيمة، لكنهما عرفا كيف يتصرفان كسياسيين كبار، فإن اولمرت يرفض الاعتراف بأن التملص السخيف من المسؤولية هو تآمر على طريقة الحكم برمتها».
وفي هذا السياق، رأى جدعون سامت في «هآرتس»، أن «قرار تأليف لجنة اللا فحص لم يكن خطأ من أخطاء اولمرت، فهذا القرار نابع من شخصيته الجماهيرية، وربما الخاصة أيضاً، ويلقي ضوءاً عكراً على نياته ودسائسه السياسية. هرب اولمرت من التحكيم الجدي بشأ، الحرب، ومن خطر أن تضربه لجنة التحقيق الرسمية على رأسه. مارس رئيس الوزراء الكذب أيضاً».
وأضاف سامت أن «اولمرت كذب مدعياً بنية خبيثة ومضللة، أن لجنة التحقيق الرسمية ستقوم بمهمتها لمدة عامين أو ثلاثة، فتشل الجيش خلال تلك الفترة. بهذه الطريقة، حرص على نفسه أساساً، وبدرجة أقل على الجيش. فهو يعرف جيداً أن لجنتي التحقيق المهمتين بحرب الغفران وصبرا وشاتيلا، أصدرتا أصدرتا تقريراً انتقالياً مُدوّياً خلال أقل من اربعة اشهر. الكذب قبيح، خصوصاً لأن اولمرت لا يخشى من الزحف للتحقيق. ما يُخيفه هو تلك الاستخلاصات الانتقالية السريعة التي يمكن أن تتوصل اليها لجنة تحقيق جدية. اولمرت خائـف».