أفنير كوهين ـــ «هآرتس»
يَصعب التفكير في توقيت دولي أكثر سوءاً بسبب عدم النجاح الإسرائيلي في لبنان، فعدم قدرة إسرائيل على إخضاع حزب الله أثّر في المسألة النووية الإيرانية.
بداية هذا الصيف، اعتُبر الموضوع النووي الإيراني تحدياً للديبلوماسية الدولية، لكنه يعتبر فقط وجعاً للرأس، ذلك أن نتائج الحرب في لبنان عقّدت معالجة الموضوع وزادت بشكل كبير من ميزان الردع بين إيران والغرب.
من وجهة النظر الإيرانية، يعزز نجاح حزب الله الاعتقاد لديهم بأن الممانعة والتعنت والحافز قادرة على غلبة التفوق العسكري. فإذا كانت منظمة عسكرية صغيرة كمنظمة حزب الله نجحت في البقاء بعد كل الهجمات المكثفة التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي، فإنّ دولة قوية كإيران تستطيع أن تقوم بذلك. وقصة تلفزيون «المنار»، الذي بقي يبث رغم كل محاولات سلاح الجو لإسكاته، هي مثال يقيس عليه الإيرانيون بالنسبة إلى برنامجهم النووي.
الرفض الإيراني لمطلب مجلس الأمن بتجميد تخصيب اليورانيوم، وهو مطلب شرطي للتفاوض معها، لا يدع مجالاً للتشكيك بجديتها، فإيران اليوم ترفض ـــ وبشكل أكثر تصميماً، ونجاح حزب الله عزّز ذلك ـــ التنازل في الموضوع النووي. وكلما تعزّز التصميم الإيراني، ضعفت سطوة الغرب. والتجربة الإسرائيلية في لبنان أضعفت الثقة في الغرب بقدرة الغارات على تحقيق أهداف سياسية، بل يبدو أن هناك خشية من أي مواجهة مع إيران.
قال لي صديق أميركي يشغل منصباً رفيع المستوى، ومنهمك منذ سنوات في أسرار الجهد الديبلوماسي في الموضوع النووي الإيراني ـــ والكلام جاء قبل أسبوع ـــ إنه لم يكن يوماً غارقاً في كآبة كما هو عليه الآن نتيجة عجز الغرب عن فعل شيء مجدٍ في قضية الانتشار النووي.
لا يشخّص هذا الصديق في أي عاصمة غربية قيادة تحوز على دعم جماهيري وهي عازمة على منع إيران من أن تتحول الى دولة نووية، فالعاصمة الوحيدة التي يرى أن قادتها مصممون ولديها استراتيجية واضحة هي طهران.
هناك تغذية راجعة بين التصادمية الإيرانية والانكفائية الغربية، فإيران اليوم أكثر ردعاً من كونها مرتدعة، والعكس صحيح بما خص الغرب.
وإذا كان (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله قد شبّه إسرائيل ببيت العنكبوت، فإنّ الإيرانيين يرون أن الغرب "كلب ينبح ولا يعض"، فعجز الغرب عن فرض قرار في مجلس الأمن ضد الموضوع النووي الإيراني هو التعبير الأكثر وضوحاً على هذا العارض.
لو استطاعت إسرائيل أن تهزم حزب الله، لكان يمكن أن ينفخ ذلك الثقة في مواجهة إيران، إلا أن فشلها زاد من عارض التعب لدى الغرب على امتداد خط المواجهة.