strong>بيرتس يقر بـ«قلة» تجربته: واجهت الوضع الصعب بتصميم علي حيدر

عرضت إسرائيل أمس إجراء مفاوضات تبادل أسرى مع الحكومة اللبنانية بعدما يصبح بحوزتها الجنديان الإسرائيليان الأسيران لدى حزب الله، ورحبت في الوقت نفسه بنشر قوات دولية في الجنوب، لكنها رأت أن المشكلة الحقيقية تبقى في تحديد الجهة التي ستراقب الحدود مع سوريا.
ونقلت إذاعة الجيش عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن اسرائيل مستعدة للتفاوض مع الحكومة اللبنانية في عملية تبادل تشمل الجنديين اللذين خطفهما حزب الله في 12 تموز، مشيراً إلى أنه بهذه الطريقة لن يتمكن حزب الله من إعلان أي نصر.
وأضاف المصدر نفسه أن الجنديين الإسرائيليين يجب أن يُنقلا إلى الحكومة اللبنانية، موضحة أن هذه المطالب أبلغت إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان.
وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قد دعت المانيا إلى استخدام نفوذها لدى الحكومة اللبنانية من أجل إطلاق سراح الجنديين.
وأكد نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية شمعون بيريز، في روما، أن نشر قوات دولية في الجنوب اللبناني بعد تعزيزها سيسمح «بتجنب عودة الصراع مجدداً، غير أن المشكلة الرئيسية تبقى في مراقبة الحدود لمنع إعادة تسليح حزب الله».
وأشار بيريز إلى أن قرار الأمم المتحدة يفرض «نزع سلاح حزب الله»، مشيراً إلى أن هناك طرقاً عديدة للقيام بذلك «إحداها هي حظر بيع أسلحة لحزب الله»، وعليه، فإن «المشكلة الحقيقية هي من سيكون بإمكانه مراقبة الحدود» بين لبنان وسوريا. وأعرب بيريز عن اعتقاده بأن «الأمين العام للأمم المتحدة بصدد البحث عن حل».
وأشار بيريز، في مقابلة مع قناة سكاي «تي جي 24» الإيطالية، إلى أن «القرار 1701 يعطي اليونيفيل قوة لم تكن تتمتع بها حتى الساعة» لكونها كانت في أحسن الأحوال بمثابة ميزان لضبط الحرارة. والآن أصبح من حق قوة حفظ السلام أن تدافع عن نفسها، وأن تستعمل السلاح».
أما وزير الدفاع عمير بيرتس فرأى من جهته أن «هناك وضعاً جديداً على الحدود الشمالية بانتشار الجيش اللبناني وقوات الطوارئ، وأنه لم يعد هناك تهديد مباشر على البلدات الشمالية، وأن حزب الله وسلاحه أبعدا عن الشريط الحدودي».
في هذا الوقت، تواصلت تفاعلات تداعيات العدوان على لبنان في الوسط السياسي والحزبي الإسرائيلي؛ فقد انتقد وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس سابقيه في الوزارة، قائلاً إن هناك شيئاً يمكن قوله بصورة واضحة وهو أنه «رغم قلة تجربتي، واجهت الوضع الصعب الذي خلفه أصحاب التجربة، بتصميم»، مشدداً على وجوب «فحص المستوى السياسي أيضاً، من دون تمييز، في ما يخص القرارات التي اتخذت بشأن الحرب على لبنان والاعتبارات التي أخذت بالاعتبار». وخاطب بيرتس بصورة غير مباشرة قياديي حزب العمل الذين يطالبونه بالتمسك بطلب تشكيل لجنة تحقيق رسمية، بالقول إنه «يدرس بعمق موضوع لجنة التحقيق الرسمية»، موضحاً أن من الممكن تشكيل لجنة كتلك في المستقبل. لكنه شدد على أنه «يجب دراسة نوع اللجنة التي من الممكن أن تقوم بالتحقيق، من أجل مصلحة إسرائيل». وتعهد بالعمل على أن يكون هناك «معيار واحد للجميع، للمستويين السياسي والعسكري». واعترف بأن الحرب كشفت عن «إخفاقات على مستويات مختلفة... يجب فحصها بصلابة، واستخلاص العبر، وإعداد خطط عمل وتنفيذ ما يتطلب من أجل أن نكون مستعدين لكل تهديد ممكن».
واكد بيرتس على توجهه السياسي بدعوة الحكومة الإسرائيلية إلى خوض الامتحان الكبير عبر «تحويل الحرب إلى فرصة للسلام» رغم أن السائد في الشرق الأوسط، وفقاً لتعبيره، هو سيطرة القوة والعنف. وأشار إلى أنه ينبغي عدم الغرق «في اليأس وقلة الأمل» والعمل على «تقوية الجهات المعتدلة والبدء بمفاوضات. مع الفلسطينيين أيضاً، ومع الشعب اللبناني وحينما يحين الوقت مع السوريين».
واعترف بيرتــس بأن الحــرب كشفت عن «حلقات ضعيفة في المجتمع الإسرائيلي، وسلطت الأضواء على الزوايا المظلمة»، مشيراً إلى أنه يجب على الحكومة أكثر مـــن أي وقت مضى «تقوية مكامن الضعــــف، وذوي القدرات الضعيفــــة كالكبــار في الســــن والمعــوّقين».
وفي محاولة للتوفيق بين مواقفه السابقة بالمطالبة بتقليص الموازنة الأمنية لمصلحة موازنة الوزارات الاجتماعية وكونه وزير دفاع يعبر عن مصالح الجيش لدى الحكومة، دعا بيرتس إلى عدم «وضع احتياجات الأمن في مقابل احتياجات المجتمع»، مؤكداً الحاجة إلى «بناء القدرة العسكرية وإعداد الجيش وأجهزة الأمن للمواجهة المقبلة، فهذا واجبنا، وفي المقابل يجب إعادة بناء المجتمع الإسرائيلي. لا يأتي الواحد على حساب الآخر ولا يقف واحد في مقابل الآخر. فعلينا رفع الرايتين، الاجتماعية والأمنية».
وفي ما يخص الصراعات الداخلية في حزب العمل، عبرت مصادر عن خشيتها من أن يحاول بيرتس منع غالبية في كتلة العمل في الكنيست من الدفع باتجاه تشكيل لجنة تحقيق رسمية. ويشار إلى أنه لم يدعَ لحضور اجتماع كتلة العمل اليوم، أعضاء الكنيست الحاليين فقط، بل كل المرشحين حتى الموقع 40 في قائمة مرشحي الحزب للبرلمان. وذكرت مصادر في محيط بيرتس أن المرشحين الأربعين دُعوا لإطلاعهم على المواضيع الاجتماعية والاقتصادية التي ستُناقش في الجلسة.
وفي هذا السياق، أعلن عضوا الكنيست عامي ايالون وافيشاي بروفرمان قرارهما المنافسة بشكل مشترك على قيادة حزب العمل في الانتخابات التمهيدية التي من المفترض أن تجري بعد أقل من 10 أشهر. وقال ايالون: «نحن نمثل سياسة من نوع آخر، وسنأتي بالتغيير لحزب العمل». كما انتقد وضع الحزب بعد الانتخابات العامة لأنه «فقد ثقة قطاعات واسعة من المجتمع، ويجب العمل على إعادة هذه الثقة»، مشيراً إلى وجوب الإصرار «على الاستثمار في جهاز التربية والتعليم». ودعا إلى تأليف لجنة تحقيق رسمية رأى أنها هي التي تستطيع فقط ترميم أزمة الثقة التي نتجت وتلبي حاجة الجمهور إلى معرفة الحقيقة.