بعد ثلاثة أيام من تعليق المحادثات، استؤنفت صباح أمس اللقاءات المباشرة بين الوفدين اليمنيين برعاية الأمم المتحدة في العاصمة الكويتية، من دون أن تصل حتى الساعة إلى نتيجة ملموسة تنبئ بقرب اتفاق ينهي الأزمة. ولا تزال العين على الميدان، حيث يراقب الفريقان الخروقات المستمرة ولا سيما على جبهتي تعز وشرق محافظة صنعاء. ولم تخرج جلسة أمس إلا بقرار تشكيل لجنة مشتركة لدراسة الرؤى السياسية لكلا الوفدين بخصوص جدول أعمال الحوار السياسي المنتظر انطلاقه، وهو ما يشي بأن الجولة الحالية من المفاوضات ستطول، إذا لم يُعلن فشلها.وكان وفد الرياض الذي يمثل حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي قد علّق الجلسات المشتركة مع وفد صنعاء، منذ يوم السبت الماضي، بسبب «الاحتجاج على اقتحام معسكر العمالقة» في محافظة عمران شمال صنعاء. إلا أن مساعي خليجية؛ أهمها لقاء الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بالوفدين، ساهمت في مواصلة الجلسات وإنهاء العرقلة.
واستؤنف النقاش من النقطة التي تم التوقف عندها ليل الجمعة، فجرى بحث الرؤى التي قدمها الطرفان بشأن الحوار السياسي وتم استعراض قرارات مجلس الأمن ونصوصها. وناقش المجتمعون تشكيل لجان عمل مشتركة في الشأن السياسي والعسكري والإنساني، على أن تتولى هذه اللجان مناقشة طروحات الفريقين للوصول إلى حلول توافقية، وسيكون عمل هذه اللجان مترابطاً ومتزامناً للوصول إلى اتفاق شامل.
أكد الزياني أن محادثات الكويت فرصة تاريخية

ولوّح وفد صنعاء أمس، باحتمال فشل المحادثات في حال استمرار قوات التحالف السعودي ومجموعاتها المسلحة بـ«الاستفزازات في الميدان». وأكد الوفد أن استمرار غارات طيران «التحالف» والهجمات والتحشيد ومواصلة الحصار دليل على عدم الجدية في خيار السلام.
وقال الوفد إنّ «قيام طيران العدوان صباح اليوم (أمس) بشنّ غارتين على منطقة المحاوجة في نهم عمل تصعيدي خطير يهدد المفاوضات القائمة في الكويت ويهدف إلى تعطيلها وإفشالها».
وكان المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ الذي أجّل مؤتمره الصحافي إلى مساء اليوم، قد أعلن عن اتفاق الطرفين على إصدار لجنة التهدئة والتنسيق تقارير خلال 72 ساعة بعد النظر في الأوضاع العسكرية الشائكة، «لإصدار توصيات تلتزم بها كل الأطراف».
وفي لقاء وفد صنعاء بعبد اللطيف الزياني مساء أول من أمس، أكد الأخير حرص دول مجلس التعاون الخليجي على إنجاح مشاورات الكويت بما يفضي إلى تحقيق السلام في اليمن. وأكد الزياني «ضرورة تجاوز أي منغصات بالحوار المباشر»، معتبراً أن استضافة الكويت للمحادثات «فرصة تاريخية» لإنهاء معاناة الشعب اليمني. ودعا إلى ضرورة الحفاظ على المسار السياسي لإيجاد الحلول.
من جهته، أكد المتحدث باسم حركة «أنصار الله» محمد عبد السلام أن اللقاء بالزياني جاء «في إطار الجهود التي تبذلها الكويت ضمن دول الخليج لاحتواء الخروقات التي تحصل، وكذلك تصحيح مسار العملية السياسية». ولفت إلى أن الزياني استمع منه ومن رئيس وفد حزب «المؤتمر» عارف الزوكا إلى شرح تفصيلي لما شهده اليومان الماضيان من «ممارسات أعاقت مسار المفاوضات»، بما في ذلك «تنصل وفد الرياض من التقدم إلى الأمام واختلاقه مبررات وأكاذيب واهية كلما كان هناك تقدم جيد». وقال إنه تم توضيح ما يقوم به الطرف الآخر من تقديم ذرائع للفشل، قائلاً إنه «حين قدمنا في الوفد الوطني رؤية وطنية سياسية وأمنية شاملة، أراد أن يخرج نفسه من الضغط واختلق قصة وعرقلة جديدة كالحديث عن معسكر العمالقة».
في هذا السياق، أكد عبد السلام أنه تم إبلاغ الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن «الحرب محصورة في ست محافظات وفي الشريط الحدودي من ميدي حتى الصحراء»، وأن «أي مشكلة إدارية في معسكر ليس أحد معنياً بها إلا وزارة الدفاع والداخلية والأجهزة المعنية، ولا نقبل أن يتحدث أحد في أي مشكلة إدارية فيه أو في غيره». وقال عبد السلام إن الزياني «تعهد بإفهام الطرف الآخر ضرورة عودة الجلسات»، قبل استئناف المفاوضات المباشرة يوم أمس.
على المستوى الميداني، وبعد إيقافه الغارات الجوية لأيام، جدد طيران التحالف السعودي غاراته، إذ شنّ غارتين على منطقة المحاوجة في منطقة نهم شرق صنعاء. واستمر التصعيد البرّي في تعز، حيث استهدفت مجموعات مسلحة موالية لـ«التحالف» مواقع الجيش و«اللجان الشعبية» في منطقة الوازعية بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، في وقت تمكن فيه الجيش و«اللجان» من إفشال هجوم للتقدم باتجاه شارع الأربعين في تعز المدينة.
من جهة أخرى، حثت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، المشاركين في المحادثات على «السماح بالتحقيقات الدولية في مزاعم متعلقة بارتكاب كل الأطراف جرائم حرب». وذكّرت بالضربات الجوية التي نفذها التحالف السعودي على مناطق مدنية وبالقصف «من دون تمييز»، إلى جانب إشارتها إلى «استخدام الألغام الأرضية من قبل الحوثيين».
(الأخبار)