تحاول إسرائيل التخفيف من حدة تقرير الرباعية الدولية (الاتحاد الأوروبي، روسيا، الولايات المتحدة، الأمم المتحدة)، الذي سيُنشر في الاسبوع الاخير من الشهر الجاري، والمتوقع أن يوجه إنتقادات شديدة إلى البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس. ويسود التخوف الأساسي في تل أبيب من تشدّد الموقف الأميركي تجاه المستوطنات، كما تحاول منع تبلور وضع يتطرق فيه التقرير إلى الخطوات من المحتمل إتخاذها في الموضوع الاسرائيلي ـــ الفلسطيني من جانب مجلس الأمن الدولي.يأتي ذلك، بعدما كان وزراء خارجية الرباعية الدولية قد إجتمعوا في شباط الماضي في ميونخ، وأعلنوا نيتهم نشر تقرير في موضوع الجمود السياسي بين إسرائيل والفلسطينيين. وللمرة الأولى تطرّق البيان الى التعاون الممكن بين «الرباعية» ومجلس الأمن الدولي.
وبحسب ما نقلته صحيفة «هآرتس»، عن مصادر دبلوماسية غربية ومسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، يتوقع أن يكون التقرير قصير نسبياً، ويشمل وصفاً للأوضاع الحالية، وتوصيات بالخطوات التي يجب تنفيذها من قبل إسرائيل والفلسطينيين.
وعلى الرغم من عدم إتضاح المفاعيل العملية لجهة توجيه الإنتقاد لاسرائيل، وخصوصاً في ضوء التجارب السابقة، إلا أن تل أبيب تولي القضية أهمية كبيرة. ويعود ذلك، كما نقلت «هآرتس»، إلى أنه للمرة الاولى منذ سنوات ستعرض «الرباعية» موقفاً آنياً من «الجمود في العملية السلمية»، وأن ذلك سيجري من دون الأخذ بإعتبارات أي من الجانبين بالحسبان. ومن المحتمل أن تمثّل توصيات التقرير قاعدة لإستمرارية المبادرة الفرنسية أو لخطوة تبلور ميراث الرئيس الاميركي باراك أوباما في الموضوع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني، قبل نهاية السنة. كما يمكن للتقرير أن يمثّل قاعدة لإستئناف «العملية السلمية» بعد إنتخاب الرئيس الأميركي المقبل.
نتيجة ذلك، تجري إسرائيل إتصالات سياسية مع كل الدول الأعضاء في الرباعية الدولية، بهدف التخفيف من حدة التقرير. ويركّز مبعوث رئيس الحكومة الخاص، المحامي يتسحاق مولخو، إتصالاته مع الموفد الأميركي للعملية السلمية فرانك ليفنشتاين. كما يجري مسؤولون كبار في وزارة الخارجية إتصالات مشابهة مع ممثلي الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وروسيا.
ولفت مسؤول إسرائيلي رفيع، لم تذكر الصحيفة اسمه، إلى أن «المسألة الأساسية هي الى أي حد سيكون الإنتقاد شديداً للمستوطنات. فحول هذا الموضوع يلتف أعضاء الرباعية الدولية دون أي مشكلة». وأوضح بأن إسرائيل تريد الإمتناع عن بلورة موقف يؤدي الى تشدد الولايات المتحدة في هذه القضية.
وأضاف المسؤول بأن تل أبيب معنية بمنع أي ذكر في التقرير لأي عمل مستقبلي من خلال مجلس الأمن. فمثلاً تخشى إمكانية قيام «الرباعية الدولية" بطرح التقرير للنقاش في مجلس الامن كي يتبناه بقرار رسمي. كما يحتمل أن يوصي التقرير مجلس الأمن بالقيام بعمل ما في موضوع المستوطنات أو طرح تعريف أساسي لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين من خلال التطرق الى مسائل الحدود والقدس والأمن واللاجئين.
يشار إلى أنّ تقرير «الرباعية» تحوّل في الأسابيع الأخيرة إلى تقرير شبه اميركي، انطلاقاً من أن من يكتب التقرير هو مبعوث الولايات المتحدة ليفنشتاين.
ومن المتوقع ان يلتقي اعضاء «الرباعية» في موسكو لاحقاً في محاولة لتوحيد المسودات المختلفة للتقرير التي اعدها كل طرف. وقال المسؤول الإسرائيلي، انه يستدل من المعلومات التي وصلت الى وزارة الخارجية أن الموعد المتوقع لنشر التقرير هو 25 أيار، قبل اسبوع من لقاء وزراء الخارجية من أجل الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني في باريس، تمهيداً لمؤتمر السلام الدولي الذي تسعى فرنسا لعقده قبل نهاية العام الجاري. وقال إن أعضاء «الرباعية» يريدون نشر التقرير قبل اللقاء في باريس وبالتالي السيطرة على جدول اعماله.