تعترف وثيقة «استقلال دولة إسرائيل» بتاريخ «الشعب اليهوديّ» وبحضارته وبميراثه وبذاكرته الجماعيّة حصراً، معلنة بذلك تفريغ الأرض من سكانها العرب الحاضرين فيها وتحويلهم إلى «غائبين» من السياق الكامل لمبدأ «المواطنة». وهي تعرض العرب الفلسطينيين، في أحسن الأحوال، كمهاجرين قدموا إليها، وليسوا كسكان أصليين قدمت إليهم «الدولة».في هذا السياق، يقول المحامي حسن جبّارين (وفق مجلة «عدالة» الإلكترونيّة، العدد 12، نيسان 2005) إن «المبادئ التفريغية المحددة في المنطق الداخلي لوثيقة الاستقلال، تشير (بصورة غير مباشرة) إلى أن أكثر ما يستحقه المواطنون العرب هو حقوق مدنية كتلك التي يتمتع بها المهاجرون، فيما على جميع المهاجرين تقبل لغة الدولة المضيفة وإهمال هويتهم وثقافتهم التي تركوها طوعاً في أوطانهم الأصلية».
هذه المبادئ وروحيّتها، تتماشى تماماً، بل توجّه سن القوانين وتطبيقها والممارسات العنصرية المؤسساتية بحق أصحاب الأرض الأصليين. حتى إن كل حق ينتزعه الفلسطينيون بطريقة أو بأخرى، أو لسبب أو لآخر، يجري التعامل معه على أنه «مكرمة» يهودية تجاه مقيمين في الدولة وليس حقاً مشروعاً وواجباً على الدولة، أما ما لا يعطى لهم، فهو في سياقه الطبيعي تجاه مقيمين غير مواطنين أصليين، يسكنون إلى جانب «المواطنين» اليهود الإسرائيليين، لا أكثر.
يوجد في إسرائيل قوانين تمييز واضحة ضد فلسطينيي 48، وتوجد قوانين أخرى تميّز بصورة غير مباشرة وتتيح خلال تنفيذها تمييزاً ومنع الحقوق عن الفلسطينيين، أما القوانين غير المميزة، بطبيعتها، فتترك للتطبيق. وحول القوانين العادية التي لا تحمل تمييزاً واضحاً، تشير عيّنات مجمعة وصادرة في منشورات مراكز حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، ومن بينها إصدارات جمعية «سيكوي»، إلى أن الموظفين الحكوميين في المؤسسات الرسمية، يفضلون اليهود دائماً ويميزونهم عن الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية.
وشهادات كثيرة جداً جمعت لدى الجمعية، تؤكد أنه رغم وجود قوانين تعطي حقوقاً للفلسطينيين، فإن تلكؤاً مقصوداً يواجه الطلبات الصادرة عنهم (الفلسطينيون)؛ «كلما وصلت إلى مكاتبهم طلبات ومعاملات من بلدات عربية، يبذلون كل ما في وسعهم لإيجاد أخطاء ونواقص تقنية لإعادتها دون إتمامها أو معالجتها».