لن تكون بشرى سارة للمصريين ما كشفته تفاصيل الاتفاق النووي بين مصر وروسيا، ويقضي بأن تنشئ الأخيرة أربعة مفاعلات نووية بأسعار هي الأعلى عالمياً، مقابل قرض ميسّر يموّل 85% من المشروع.
تفاصيل عدة كشفت عنها القاهرة يوم أمس، عن محطة الضبعة على ساحل البحر المتوسط، المقرر إنشاؤها خلال السنوات المقبلة بقرض حكومي روسي تبلغ قيمته 25 مليار دولار، ليكون أضخم قرض تقدمه موسكو، وهو الاتفاق الذي وقّع في القاهرة في تشرين الثاني الماضي، ولم تكشف تفاصيله كلها، علماً بأن غالبية ما جاء في التفاصيل الفنية نشرته «الأخبار» آنذاك (راجع العدد ٢٧٥٤ في ١ كانون الأول ٢٠١٥).
التفاصيل الفنية التي نشرت في الجريدة الرسمية المصرية، وهي المكان المخصص قانوناً لنشر الاتفاقات والقروض وفقاً للدستور، احتوت جدولاً زمنياً لتسديد القرض الروسي على دفعات سنوية وفق حجم الإنشاءات، على أن تراجعه وزارتا المال في البلدين، مع التأكيد على أن القرض الروسي يشكل نسبة 85% من تكلفة المشروع الذي ستموّل القاهرة نسبة 15% منه، وستدفعها للشركات الروسية المصنعة للمفاعل، بالدولار الأميركي أو بالجنيه المصري، وهو ما يرفع تكلفة التنفيذ إلى أكثر من 28 مليار دولار.
ووفق كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق يسري أبو شادي، فإن هذه التكلفة أعلى من نظيراتها في العالم، التي تراوح ما بين خمسة إلى ستة مليارات دولار، علماً بأن مصر تسدد إنشاء أربعة مفاعلات بـ28 ملياراً. وذكر أبو شادي أن السعر المرتفع في التكلفة ربما يرجع إلى تسهيلات السداد التي حصلت عليها مصر من روسيا، فضلاً عن أن الأخيرة تركت التسديد يبدأ بعد تشغيل المفاعلات.
وأضاف المفتش السابق: «المفاوض المصري في مقابل السعر المرتفع حصل على مزايا اقتصادية عدة التي ستجعل عملية إعادة الأموال إلى الروسيين تجري بالفائدة من عائدات الكهرباء المولدة من المفاعل»، مشيراً إلى أن الاتفاق «لا يمكن مقارنته بالاتفاق الإماراتي لإنشاء عدد المفاعلات نفسه قبل سنوات بتكلفة 20 مليار دولار، لاختلاف الظروف والأسعار، بالإضافة إلى أن أبو ظبي موّلت المشروع كاملاً من ميزانيتها وليس عن طريق الاقتراض».
في تفاصيل الاتفاق أيضاً، ستحصل القاهرة على القرض على مدار 13 عاماً تبدأ من العام الجاري حتى 2028، ويكون الالتزام الروسي بإمرار الدفعات وفقاً لمعدلات الإنشاء، على أن يكون التسديد من الجانب المصري اعتباراً من 15 تشرين الأول 2029 عبر أقساط نصف سنوية تمتد على مدار 22 عاماً، أي عبر 42 قسطاً تدفع منتصف نيسان وتشرين الأول، بفائدة 3% سنوياً تحتسب على أساس يومي من تاريخ استخدام مبالغ القرض حتى تاريخ السداد النهائي. كل ذلك مع إمكانية السداد المبكر لأي مبلغ من القرض بالسعر الأصلي ودون تكاليف إضافية، شريطة إرسال الإخطار بذلك من القاهرة إلى موسكو قبل 90 يوماً من تاريخ السداد المبكر.
ووفقاً لما جاء في التعاقد، في ما يتعلق بتأمين الحصص المذكورة في تمويل المشروع، لا تكون الدفعات مستحقة على الجانب المصري في حالة عدم توفير الجانب الروسي قيمة التمويل.
وفي حال توقف أي من الجانبين عن الوفاء بالتزاماته، قبل الانتهاء من المشروع، يقدر الجانبان الخسائر الناجمة عن هذا الانقطاع لاتخاذ التدابير الصحيحة من أجل تعويض الخسائر، مع التأكيد على تسوية النزاعات بين الطرفين عبر المشاورات والمفاوضات المتبادلة، وإمكانية تعديل الاتفاقية في أي وقت بواسطة اتفاق كتابي مشترك.