الجزائر | ذكر موقع "ألجيري باتريوتيك" الناطق بالفرنسية، أن فضيحة عالمية جديدة على الأبواب، سيكون أبطالَها سياسيون ورجال أعمال ومشاهير أخفوا أموالهم في مصارف لبنانية دولية من أجل أن يتهربوا من دفع الضرائب، في مسلسل جديد شبيه بـ"وثائق بنما" التي كشف عنها مؤخرا تحقيق استقصائي عالمي.


وأشار الخبر إلى أن عدة مسؤولين جزائريين متورطون في هذه القضية، ما ينذر بوقوع زلزال سياسي في الجزائر عقب الكشف عن فحواها.

وخص موقع "ألجيري باتريوتيك" بالذكر في هذه الفضيحة مسؤولا سياسيا جزائريا واحدا، هو عمار سعداني، الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني"، الذي ذكره بالاسم، فيما اكتفى بالقول إن عدة أسماء جزائرية أخرى في الحكومة ستكون من بين المتورطين في امتلاك حسابات سرية في مصارف لبنانية، وذلك لإخفاء الأموال غير المشروعة التي اكتسبتها خلال السنوات الأخيرة باستغلال نفوذ المنصب تزامنا والطفرة المالية التي عرفتها الجزائر جراء ارتفاع أسعار النفط قبل سنوات.

غير أن هذا الخبر ذا البعد العالمي، اكتفى الموقع بنسبه إلى مصادر مجهولة قال إنها أطلعته عليه، دون أن يحدد ماهية تلك المصادر أو الميدان الذي تعمل ضمنه، كما أن المعلومات التي احتواها المقال خلت من تفاصيل دقيقة يُفترض أن تدعم خبرا من هذا النوع لإعطائه المصداقية اللازمة. فجاء الخبر مختصرا جدا ومكتفيا فقط بالمعلومة الرئيسية العامة، التي تتحدث عن تسرب وثائق من مصارف لبنانية عن فضائح تهرب ضريبي دولي، دون تحديد موعد الإعلان عن الفضيحة.

وللتحري أكثر عن الموضوع، سألت "الأخبار" الصحافي الجزائري الوحيد المشارك في تحقيقات "وثائق بنما"، إلياس حلاس، فقال إنه ليس على علم بفضيحة آتية اسمها "وثائق لبنان"، علما أن حلاس عضو في "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين"، الذي يُفترض (وفق موقع ألجيري باتريوتيك) أن يكشف الفضيحة.



صاحب الموقع

هو ابن الجنرال نزار القريب من مدير المخابرات السابق



ومن بين أكبر علامات الاستفهام حول هذا الخبر كشفه عن اسم عمار سعداني فقط، إذ لماذا تخصيصه هو بالذات من بين كل الأسماء العالمية المفترض إعلان أسمائها في هذه الفضيحة؟

بصرف النظر عما يُثار من شبهات فساد حول مسؤولين جزائريين، لا يخلو هذا الخبر ــ عند متابعين ــ من محاولة توظيف هذه القضايا في الصراع الدائر حاليا بين أجنحة النظام الجزائري، وخصوصاً أنّ صاحب موقع "ألجيري باتريوتيك" ليس سوى ابن الجنرال، خالد نزار، وهو وزير الدفاع في فترة بداية التسعينيات، وهو المعروف عنه إزاحته الرئيس الشاذلي بن جديد بعد فوز "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" بالدور الأول من الانتخابات التشريعية عام 1991 ومن ثم إلغاء هذه الانتخابات برمتها وإرساء نظام يتحكم فيه العسكر بكل مفاصل الدولة. وقد ظل نزار رغم تقاعده عن المسؤولية مقربا من قائد المخابرات السابق، الجنرال توفيق.

أما عمار سعداني فهو السياسي المقرب من محيط الرئيس بوتفليقة، وتحديدا من شقيقه صاحب النفوذ الكبير في الحكم حالياً، السعيد بوتفليقة. ومعروف عن سعداني أنه قاد قبل الانتخابات الرئاسية لسنة 2014، حملة شرسة على قائد المخابرات (السابق)، الجنرال توفيق، وكال له اتهامات خطيرة نالت من هيبته قبل أن يُطاح رسميا في نهاية العام الماضي. وجاءت حملة سعداني الذي يقود حاليا حزب "جبهة التحرير الوطني"، في إطار صراع بين محيط الرئيس وجهاز المخابرات بسبب رفض الأخير، كما يُشاع، ترشح بوتفليقة لولاية رابعة بسبب الأعباء الصحية التي تمنعه من ذلك.

بيد أن هذا الصرع، لا يلغي حقيقة أن عمار سعداني، ظل لسنوات ملاحقا بشبهات فساد، دون أن تتحرك العدالة الجزائرية لتحقق فيها. إذ جرى تداول اسمه في فضيحة كبيرة قبل سنوات، تتعلق باختلاسه مبلغا يقارب الثلاثمئة مليون دولار من أموال الدعم الموجهة للفلاحين، كما أنه اعترف شخصيا بامتلاك عائلته لشقة في العاصمة الفرنسية باريس، دون أن يعطي تفاصيل عن كيفية تحويل الأموال من الجزائر إلى فرنسا لشراء هذا العقار، علما أن القانون المصرفي الجزائري يحرم تماما هذا النوع من المعاملات. ويواجه سعداني اتهامات الفساد بالنفي المطلق ويعتقد جازما أن جهاز المخابرات السابق، هو من لفقها له للنيل من سمعته حين كان رئيساً للمجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، ويتعدى ذلك للقول بأن كل ملفات الفساد الحالية التي نالت من الشركة النفطية "سوناطراك" ومشروع الطريق السيار (شرق غرب) هي من تدبير الجنرال توفيق، بهدف ضرب رجال الرئيس بوتفليقة.

وفي ظل الاتهامات المتبادلة بالفساد، يبقى جهاز العدالة الغائب الوحيد عن المعادلة، إذ رغم النداءات التي أطلقتها جمعيات مكافحة الفساد بالجزائر، لم يحرك ساكنا حتى في فضائح أخيرة ذات بعد دولي يستحيل أن تكون من تدبير أحد طرفي الصراع ضد الآخر، وجرى فيها تناول أسماء مسؤولين كبار، على غرار وزير الصناعة، عبد السلام بوشوارب، وابنة الوزير الأول، عبد المالك سلال، ووزير الطاقة السابق، شكيب خليل، وهم أبرز من وردت أسماؤهم في وثائق "بنما بيبرز". هذا الأمر يعزوه جل الحقوقيين والقانونيين في الجزائر إلى استمرار خضوع العدالة للجهاز التنفيذي برغم استقلاليته الشكلية في القوانين.