لم تمرّ عملية ضم أفيغدور ليبرمان إلى الحكومة الإسرائيلية وتوليه وزارة الأمن، دون عملية ابتزاز تكشف مرة أخرى عن حاجة رئيسها، بنيامين نتنياهو، إلى توسيع القاعدة البرلمانية لحكومته. فبرغم ارتفاع لهجة التهديد بعدم تصويت أعضاء «البيت اليهودي» لمصلحة ضم «إسرائيل بيتنا» إلى الحكومة، إن لم تلبّ مطالب الوزير نفتالي بينيت، فإن من غير المتوقع أن يكون ذلك إيذاناً بتفكك الحكومة، وصولاً إلى الانتخابات المبكرة في هذه المرحلة.على خط موازٍ، وجه نتنياهو رسائل طمأنة حول إدارة ليبرمان لوزارة الأمن، بتأكيد أن الوزير لا يتخذ القرارات في القضايا الأمنية وحده، وأن ذلك يكون بالتعاون مع قادة الأجهزة الأمنية.
هذه الأزمة تبلورت بعدما طالب بينيت بوضع آلية لاطلاع المجلس الوزاري المصغر على المعلومات الاستخبارية كافة، خاصة أثناء الحرب، وأن يجري ذلك بتعيين سكرتير عسكري للكابينت. وهدد الأخير بأنه إذا لم تلبّ مطالبه، فإن نواب «البيت اليهودي» الثمانية في الكنيست لن يؤيدوا توسيع الحكومة، الأمر الذي يعني أنها لن تحصل على أغلبية الأصوات.
الأمن ورقة أساسية لنتنياهو وبها ينجح في كل معركة انتخابية

في المقابل، من الطبيعي أن يلوّح نتنياهو عبر مقربيه بأنه في حال خروج «البيت اليهودي» من الحكومة فإن نتنياهو سيضم كتلة «المعسكر الصهيوني» برئاسة إسحاق هرتسوغ، رغم أن هذا السيناريو قد يكون بعيداً عن الواقع.
في هذه الأجواء، أكد رئيس حزب «كولانو» ووزير المالية، موشيه كحلون، للإذاعة الإسرائيلية، أنه «لا يمكن إسقاط الحكومة كل شهر والذهاب إلى انتخابات كل سنة»، مع ذلك، شدد كحلون على أن أمام الحكومة «تحديات كبيرة ومهمة وخطط كثيرة وإصلاحات في مجالي البنوك والسكن، لذلك عليها أن تقوم بمهماتها».
أيضاً، حاول نتنياهو توجيه طمأنة حول تولي ليبرمان، المتطرف وغير الخبير في القضايا الأمنية، حقيبة الأمن، بالقول أمام كتلة «الليكود»، إن «قيادة الموضوع الأمني تجري بالتعاون مع قادة الأجهزة الأمنية»، كما ذكرت صحيفة «هآرتس».
في غضون ذلك، رأى معلق الشؤون العسكرية في «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن النقاش حول العمليات والهجمات الجوية في وزارة الأمن غالبيتها سرية، ومن أهم المجالات الحساسة، لافتاً إلى أنه في عهد موشيه يعلون، كان مركز الثقل في النقاشات التي جرت في مكتب وزير الأمن في تل أبيب. وأوضح هرئيل أنه «سيتضح سريعاً ما إذا كان نتنياهو ينوي تشديد مراقبته لصلاحيات التصديق وتحديد المزيد من النقاشات في مكتبه في القدس».
وأضاف هرئيل: «في ضوء تولي ليبرمان حقيبة الأمن، سينتقل رئيس الحكومة من موقع المكبوح إلى الكابح، خاصة أنه ليس لديه مفر آخر»، مشيراً إلى أن الأمن بقي الورقة الأساسية لدى نتنياهو، التي بفضلها ينجح في كل معركة انتخابية، رغم الفضائح. مع ذلك، يبدو أن ليبرمان «يملك مصلحة في انتهاج سياسة معتدلة نسبياً في وزارة الأمن».
وفي محاولة لتحسين صورته، المعروفة كشخصية متطرفة، سعى ليبرمان إلى تهدئة مخاوف قادة الجيش. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه التقى مع عدد من الجنرالات في الاحتياط، ليبلغهم أنه «سأكون وزيراً رسمياً ومسؤولاً»، كذلك فإن انطباع الجنرالات أنه صادق في أقوله. وسيتعين عليه، في رئاسة الوزارة، أن يبلور من حوله طاقماً أمنياً ــ عسكرياً مهنياً.