عوائق اقتحام الفلّوجة: الجغرافيا والمدنيون والسياسة ثالثهما

  • 0
  • ض
  • ض

تعد معركة الفلوجة من أكثر المعارك صعوبة ضد «داعش» في العراق، وذلك لأسباب كثيرة من أبرزها الإطار الجغرافي للمنطقة، إضافة إلى وجود عدد كبير من المدنيين، علاوة على اعتبارات سياسية وميدانية أخرى

بحلول ليلة غد الأحد، تكون معركة الفلوجة قد دخلت أسبوعها الثالث، وأكملت معها القوات العراقية المشتركة ثلاث مراحل من العملية الأهم في تاريخ المواجهات مع تنظيم «داعش»، منذ عامين، وبنسبة إنجاز تجاوزت الـ70 في المئة، بحسب إعلان القيادات الميدانية والعسكرية، لتبقى الصفحة الأخيرة من المعركة وهي اقتحام مركز المدينة.

وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، تمكّنت القوات الأمنية العراقية المكوّنة من الجيش والشرطة و«الحشد الشعبي» من تحرير معظم المناطق والقرى والأحياء السكنية، الواقعة في ضواحي وأطراف ومحيط الفلوجة. وبحسب المتحدث الرسمي باسم قيادة «الحشد الشعبي» أحمد الأسدي، فإن عدد القرى والأحياء السكنية التي جرى تحريرها، خلال الأيام الماضية، بلغت نحو 38 قرية وحي سكني، بما فيها ناحية الكرمة إحدى أهم المناطق الإستراتجية المحيطة بالفلوجة.
واستطاعت القوات العراقية، أول من أمس، الوصول إلى جسر التفاحة وتحريره، وهو ما وصفه الأسدي بـ«العقدة العسكرية»، حيث يفصل هذا الجسر منطقة «قرى زوبع» عن مدينة الفلوجة (المركز)، فيما تواصل القطعات العسكرية التقدم باتجاه منطقة الصقلاوية، التي لا تقل أهمية عن الكرمة حيث توقّع الأسدي أن ينجز تحريرها، خلال الساعات القليلة المقبلة.


«الحشد» للعبادي:
الجيش سيتعرّض لمجزرة
في حال دخوله منفرداً

بذلك، تكون مدينة الفلوجة محاصرة من جميع الاتجاهات والمحاور (الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية)، لكن التحرّك نحو قلب المدينة يجري، حالياً، من المحور الجنوبي فقط، حيث تمكنت قوات «الحشد الشعبي» من تحرير منطقة النعيمية أبرز مناطق المحور الجنوبي، لتكون على مشارف منطقة حي الشهداء، الواقع في مركز الفلوجة (جنوباً)، الذي يبعد عنه نحو 700 متر.
ويؤكد الأسدي لـ«الأخبار» أن التقدم إلى مركز المدينة يمضي بحذر وتأنٍّ كبيرين، بسبب العبوات الناسفة والمتفجرات التي زرعها عناصر تنظيم «داعش»، فضلاً عن وجود أعداد كبيرة من المدنيين والعوائل، موضحاً أن «الحشد الشعبي» يخشى الدخول في مواجهة مع أطراف داخلية وخارجية، وهو لذلك «يحرص على سلامة المدنيين وتجنيبهم أي أذى». أما بشأن فتح محاور جديدة للتقدم نحو قلب المدينة، فقد أشار الأسدي إلى أن هذا الأمر ستحدّده القيادة الميدانية والعسكرية لاحقاً.
من جهة أخرى، هناك تضاريس المنطقة وطبيعتها الجغرافية، التي يقرّ الأسدي، الذي يتزعّم احد فصائل «الحشد الشعبي» («كتائب جند الإمام»)، بأن كثرة الأراضي الزراعية والبساتين وقنوات الري والجداول، أعاقت تقدم «الحشد الشعبي» والقطعات العسكرية، لكنها استطاعت تجاوزها بمرور الوقت، موضحاً أن جغرافية الفلوجة تختلف عن مناطق عديدة في الأنبار، التي تتميز بطابعها الصحراوي الجاف.
وخلال اليومين الماضيين، جرى إطلاق ما يمكن اعتبارها بالونات اختبار و«جس نبض» من قبل أطراف داخلية وإقليمية، أعادت الحديث عن توقف عمليات الفلوجة إلى إشعار آخر، وهو ما صرح يه السياسي العراقي المثير للجدل إياد علاوي، فضلاً عن وسائل إعلام محلية وعربية، الأمر الذي نفى الأسدي وجود أي صحة له.
في هذه الأثناء، علمت «الأخبار» من قيادات ميدانية بأن اجتماعاً عقد بين قيادات في «الحشد الشعبي» ورئيس الحكومة حيدر العبادي، بشأن مشاركة «الحشد» في عملية اقتحام الفلوجة، أقرّ فيه العبادي بتعرّضه لضغوط بشأن إبعاد «الحشد» عن الاقتحام.
وبحسب المصادر، التي تحدثت لـ«الأخبار»، فإن قيادات «الحشد الشعبي» قالت للعبادي إن «الجيش سيتعرّض لمجزرة في حال دخوله الفلوجة منفرداً، وإن الحاجة تستدعي بشدة مشاركة الحشد الشعبي»، مشيرين إلى أن العبادي ردّ عليهم بأنه يتعرّض لضغوط من قبل الأميركيين من جهة، وقيادات عراقية بارزة من جهة أخرى، لينتهي الاجتماع من دون التوصل إلى أي نتيجة مع دراسة المقترحات، التي قدمت بشأن عملية الاقتحام.
وقد جاء موقف العراق الرسمي متناغماً مع ما تقدّم، ففي بيان مقتضب للمتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد جمال، قال إن «عملية تحرير الفلوحة صولة عراقية لتحرير الأرض والعرض، ولن يهمّنا قلق الدول التي تمتلك تمثيلاً نوعياً واضحاً ضمن صفوف داعش».
أما الأسدي، فقد أشار من جانبه إلى أنّ قضية مشاركة «الحشد» في عملية اقتحام الفلوجة ما زالت بيد العبادي، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، مضيفاً أن «الحشد» هيئة ترتبط برئاسة الوزراء. وعن وجود ضغوط وتحفظات داخلية وخارجية على مشاركتهم، قال «نحن لا نتعامل مع التحفظات... تعاملنا مع القائد العام للقوات المسلحة». وأوضح الأسدي أن العبادي، ومن خلال حضوره الميداني وإشرافه على العمليات العسكرية، يدفع باتجاه حسم المعركة، لكن هناك خوف على سلامة المدنيين وخروج العوائل بسلام، بعدما بدأ «داعش» بتفخيخ المنازل إثر تصاعد محاولات الهروب وترك المدينة، بحسب ما أبلغ مصدر ميداني «الأخبار».
ووفق الأرقام الرسمية لوزارة الهجرة والمهجرين، فإن 868 عائلة عراقية تمكنت من الهروب من الفلوجة والوصول بأمان إلى القطعات العسكرية، بعد تخصيص ممرات ومنافذ ومعابر آمنة لخروجهم، أبرزها منفذ السلام الواقع إلى جنوب شرق الفلوجة، فيما لا تزال مئات العوائل محاصرة داخل المدينة، الأمر الذي سيساهم في تعقيد المعركة.

  • 868 عائلة عراقية تمكنت من الهروب من الفلوجة (الأخبار)

    868 عائلة عراقية تمكنت من الهروب من الفلوجة (الأخبار)

0 تعليق

التعليقات