تعرض مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ إلى انتقادات حادة من أكثر من جهة، على خلفية إدارته المنحازة لملف الأزمة اليمنية ثم المفاوضات الجارية حالياً. وتمحورت الانتقادات حول اتهامه بتنفيذ الرغبة السعودية بما يتناقض ومهمته الحيادية المُفترضة خلال مسيرة المفاوضات المتعثرة من سويسرا وصولاً إلى مشاورات الكويت الحالية.فخلال ما يزيد على 50 يوماً من المشاورات تخللتها سبعة مؤتمرات صحافية وعشرات البيانات والإيجازات اليومية الصادرة عن مكتب المبعوث الدولي لم يسجل له موقف واحد يستند إلى حيادته كوسيط دولي يعمل على التوفيق بين رؤيتي طرفي الزاع، بما يمهّد للوصول إلى حل.
وتضمنت البيانات اليومية الصادرة عن مكتب ولد الشيخ إشارات سلبية قُرئت بكونها انسجاما مع تصاعد الغارات الجوّية السعودية على أكثر من محافظة يمنية ومحاولة لشرعنة الخروق المتكررة على يد المجموعات المسلحة الموالية للرياض، بالإضافة إلى ــ وهو الأهم والأخطر ــ التلويح بالورقة الاقتصادية كأداة ضغط على وفد صنعاء لتقديم التنازلات. وبرز هذا التهديد بصورةٍ واضحة في حديث ولد الشيخ في أكثر من مؤتمر صحافي عن «الآثار الكارثية الناتجة من تدهور الاقتصاد اليمني»، من دون التطرق إلى أسباب الأزمة (انهيار العملة الوطنية) التي تزامن وقوعها مع بدء المشاورات بنقاش ملفات حساسة ومفصلية كملف الرئاسة ومستقبل الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي ورئاسة اللجنة العسكرية ولجان الضمانات.
يخشى ولد الشيخ إزاحته من المشهد إثر تفاهمات بين الرياض و«أنصار الله»

وتفيد مصادر مطلعة على سير المشاورات بأن ولد الشيخ يتعرض لضغوط كبيرة تدفعه باتجاه إجبار وفد «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» على تقديم تنازلات تمس جوهر الأهداف المُعلنة لحملة «عاصفة الحزم». وأضاف المصدر أن ولد الشيخ يكرر الحديث في كل لقاءاته عن تسليم الأسلحة والانسحاب من المدن، البندين الواردين في القرار 2216، بالرغم من تجاوز المشاورات لهذه النقاط الشكلية إلى مسائل تفصيلية تتعلق بالتنفيذ وآلية عمل اللجان المشكلة والضمانات.
ويخوض وفد صنعاء في كثير من اللقاءات التي تجمعه بالوسيط الدولي نقاشات ساخنة تهدف إلى إقناعه بالعمل كوسيط وتخليه عن تبني مواقف ووجهات نظر الطرف الآخر.
وقبل أيام أعلن وفد صنعاء «تفاجؤه» بحديث ولد الشيخ في أحد بياناته اليومية عن «قبول الوفد عودة هادي إلى الحكم»، مؤكداً أن الحديث ورد في سياق نقاش طويل حول تصورات الطرفين للمرحلة الانتقالية وطبيعة عملها وتوقيتها. ويرى وفد صنعاء أن استمرار ولد الشيخ في تعاطيه المنحاز وانصياعه للضغوط السعودية يهدد بنسف جهود السلام وعودة المشاورات إلى مربعها الأول.
وذكر المصدر أنّ ولد الشيخ أقرّ في إحدى الجلسات بعد مطالبته بالتزام الحياد، بالضغوط التي يمارسها سفراء دول كبرى وإقليمية بقوله صراحةً: «إذا أردتم الاتفاق فعليكم العودة إلى السفراء».
ومثلما بات معروفاً، فإن الجهود المبذولة في ملف الأسرى للإفراج عن عدد منهم قد فشلت، إثر مغادرة أعضاء لجنة الأسرى من وفد الرياض في خطوة تشبه انسحاباً غير معلن. وأبدى أعضاء وفد صنعاء أسفهم الشديد لعدم تمكن ولد الشيخ من دفع وفد الرياض إلى الالتزام بتعهداته إزاء أحد أكثر الملفات إنسانية، مؤكدين استعداد وفد صنعاء لإجراء عمليات التبادل وفق العدد الذي يختاره الطرف الآخر. يأتي ذلك في ظل الحديث عن عملية مزمعة تشمل الإفراج عن الأسرى الأطفال كأولوية.
وأفادت المعلومات بأن ولد الشيخ قلِق من أن تؤدي الزيارة الأخيرة لرئيس وفد «أنصار الله» محمد عبد السلام ظهران في السعودية إلى إزاحته من المشهد إثر تقاربات محتملة مع الحكومة السعودية، ولا سيما وقد أفضت لقاءات مماثلة بين الطرفين، سبقت مشاورات الكويت، إلى الإفراج عن عدد من الأسرى وتوقيع تفاهمات مبدئية مهدت لمشاورات الكويت.
كذلك، تجاهل ولد الشيخ في أحد مؤتمراته الصحافية الإجابة عن سؤال يتعلق بإجراءات التفتيش التعسفية بحق المسافرين اليمنيين في مطاري بيشة السعودي وعمّان الأردني، وذهب للحديث عن الدور «الإنساني» الذي تقوم به لجان المنظمة الأممية في التخفيف من معاناة اليمنيين، مستشهداً بالحديث عن إسهاماتها في الحد من ظاهرة «الأمّية» وتوزيع ما يتعلق بتعليم الكبار، ما يكشف وفق مراقبين عن توجه المبعوث الدولي نحو مأسسة الحصار وإبقائه ورقة لتهديد اليمنيين.