صنعاء | لم يعد خافياً على أحد أن إخفاق النظام السعودي في تحقيق أهداف عسكرية بعدوانه على اليمن جعله يبحث عن تحقيق انتصارات خارج أهدافه المعلنة، إنما هذه المرة عبر فتح جبهات للاقتتال في المناطق والمدن التي يؤمنها الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» التابعة لجماعة «أنصار الله»، مثل العاصمة صنعاء التي لم تشهد مواجهات عسكرية بعد.
الغاية الجديدة التي يسعى النظام السعودي إلى الوصول إليها، خلقت سباقاً محموماً ينافس فيه حزب «الإصلاح» (الإخوان المسلمون) أطرافاً أخرى تابعة للسعودية، على تقديم «عروض» للسعوديين، يؤكدون فيها قدرتهم على فتح جبهات في مدن صنعاء أو ذمار أو عمران، وهي محاولة لتعويض ما أخفق العدوان في فعله، ولا سيما بعد شهرين من القصف المتواصل الذي لم يوقف تقدم «اللجان الشعبية» والجيش في مناطق الجنوب ومأرب.
في صنعاء، تنبّهت «اللجان الشعبية» سريعاً لأهداف العدوان بتكرار قصف جبلي نقم وعطان بعنف، إذ كان مخططاً دفع سكان تلك المناطق إلى مغادرة منازلهم تمهيداً لإدخال عناصر «القاعدة» ومقاتلي «الإصلاح»، واستخدام تلك المناطق بعد خلوّها من معظم سكانها كنقطة لانطلاق هذه العناصر لفتح جبهة قتال في العاصمة.
«أنصار الله»:
الرياض تسعى إلى تشكيل «جيش حرّ»
آخر في اليمن

وفي سبيل ذلك أوعز «الإصلاح» إلى وسائل إعلامه المرئية والإلكترونية ببث شائعات مفادها أن التحالف السعودي يدعو المواطنين إلى الابتعاد عن حيّي نقم وعطان في صنعاء عشرات الكيلومترات، ونقلت تلك الوسائل تحذيرات على لسان المتحدث الرسمي باسم العدوان، أحمد عسيري، بشأن نية التحالف قصف تلك المناطق بصورة عشوائية. وأسهم في انتشار هذه الشائعات في أوساط الناس سريعاً حجب القنوات الفضائية الرافضة للعدوان مثل «المسيرة» التابعة لـ«أنصارالله».
مصدر في قيادة «اللجان الشعبية» في صنعاء، أكد أن «اللجان» ووزارة الداخلية على اطلاع على نيّات العدوان السعودي وحزب «الإصلاح» التي تهدف إلى فتح جبهة قتال في صنعاء، وأن الأمن اليمني و«اللجان» يرصدون بدقة تحركات عناصر هذا الحزب في العاصمة لمنعهم من استغلال الوضع وإحداث فوضى أمنية. وأضاف المصدر أن «اللجان» ألقت القبض على خلية مكونة من عناصر «الإصلاح» في حي الحصبة في العاصمة كانت تنتحل صفة «اللجان الشعبية» في تحركاتها، وخلية أخرى كانت تخزن الأسلحة والقذائف في إحدى العمارات التي استخدمت ظاهرياً كمقرّ باسم شركة لتجارة أجهزة الكمبيوتر، حيث دُهم المقر وضُبط عناصر الخلية وعددهم 24، بعد ملاحظة تحركاتهم الليلية وشكوك السكان في نشاط الشركة المزعومة.
إذاً، أصبح فتح جبهات قتال جديدة في المناطق المستقرة في ظلّ سيطرة «اللجان الشعبية» هدفاً سعودياً أساسياً. وفي السياق، بات الإعلام التابع لـ«الإصلاح» والرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، أو الإعلام المموّل سعودياً، يركز على نشر أخبار عن فتح جبهات قتال ضد «اللجان الشعبية» في محافظات إب وصنعاء وعمران والجوف وصعدة أيضاً، ولكن هذه الأخبار غير صحيحة باستثناء محاولة في ذمار تصدّت لها «اللجان الشعبية» لها بحزم وسرعة. ففي ذمار، حاول مسلحون تابعون للواء محمد المقدشي، الموالي للسعودية، استهداف «اللجان الشعبية»، ولكنه وفق إفادة محمد السياني، وهو عنصر شارك في القضاء على مسلحي المقدشي، فإنهم تلقوا الأوامر من القيادة بالتحرك السريع. وبالفعل، فرّت تلك العناصر وألقي القبض على أربعة منهم، وفجرت «اللجان الشعبية» قصر المقدشي في المدينة بعدما استخدمه المسلحون مقراً للتخطيط وتجهيز الأسلحة لفتح جبهة قتال في ذمار لم تصمد إلا ساعات قليلة.
وتعبيراً عن محاولات النظام السعودي الفاشلة لاستدراج «أنصار الله» إلى جبهات قتال جديدة، لجأت قناة «الإخبارية» السعودية الرسمية قبل أسبوع تقريباً إلى اختلاق جبل سمته «جبل صعدة»، وهو غير موجود في صعدة أصلاً. وبثت القناة نفسها تقريراً لمراسلها من ذلك الجبل المزعوم بعد ادعاء النظام السعودي توغله في الأراضي اليمنية، قبل أن يوضح عسيري قائلاً إنه «لا توجد قوات مسلحة سعودية أو قوات للتحالف عموماً في صعدة»، وأنه «لم تُنفَّذ عمليات قتالية برية داخل الأراضي اليمنية».
في هذا الإطار، يقول القيادي في «أنصار الله»، ضيف الله الشامي، إن ترويج وسائل الإعلام التابعة للعدوان لجبهات قتال جديدة «يأتي في إطار استهداف الجيش والأمن بواسطة تشكيل جيش على غرار الجيش الحر في سوريا يستوعب عناصر القاعدة والدواعش الموجودين في الساحة اليمنية وخلاياهم»، بالإضافة «إلى استيراد مجاميع من السنغال ونيجيريا والصومال كما هو في حضرموت لتجنيدهم تحت اسم جيش شرعي».
ويرى الشامي أن أحد أهداف العدوان «العمل على إحداث اختلالات أمنية في البلد»، مضيفاً في المقابل أن ثمة وعياً شعبياً ورسمياً لخطورة هذا الواقع، وأن اليمنيين في كل منطقة «على استعداد لمواجهة أولئك العناصر الذين ثبت بما لا يدع مجالاً للشك انتماؤهم وارتباطهم بالعدوان السعودي ــ الأميركي على اليمن، إلى جانب سعي السعودية إلى تعويض العناصر المنهزمين في عموم اليمن والهاربين بمثل هذه التشكيلات».