تختلف خارطة السيطرة في ريف حلب الشمالي، بين ليلةٍ وضحاها، وبين لحظة وأخرى. فمسلسل الاقتتال الدائر أو «الإلغاء» بين مسلحي تنظيم «داعش» من جهة ومسلحي فصائل «الجيش الحر» من جهةٍ أخرى، لن تنتهي مفاعيله في الأمد المنظور بتاتاً. أمس، شهدت الخارطة سيطرة فصائل «الحر» على تل بطال وبلدة الأحمدية، في الريف الشمالي، إذ أدّت المواجهات إلى مقتل 10 مسلحي من «داعش»، فيما استعاد الأخير سيطرته على بلدات دوديان، ويني يابان، وغزل، في المنطقة نفسها، بعد مواجهات عنيفة مع خصمه «الحر».
ومنذ مطلع العام الجاري، سيطر «الحر» على دوديان حوالى 20 مرّة، فيما هاجمها واستولى عليها التنظيم 20 مرّة أيضاً، بحسب مواقع معارضة. فالقرية الواقعة في ريف حلب الشمالي، تتبع إدارياً لمدينة أعزاز، وتبعد عنها حوالى 22 كلم. ويبلغ عدد سكانها، قبل عام 2011، خمسة آلاف نسمة تقريباً، وهم مزيجٌ من العرب والتركمان. وتبعد البلدة عن الحدود التركية ثلاثة كيلومترات فقط، وتحيط بها قرى عدّة، ومزارع صغيرة، مثل قره كوبري، وقره مزرعة، والكمالية.
وتكمن أهميتها الاستراتيجية، بالنسبة إلى الأطراف كافة، لتوسطها المسافة بين مدينة أعزاز وبلدة الراعي، إذ تبعد عن الأخيرة حوالى 14 كيلومتراً، فيحاول التنظيم الاحتفاظ بها، مع القرى المحيطة، باعتبارها خط دفاع أول عن الراعي، أما «الحر» فيسعى للسيطرة عليها بهدف طرد التنظيم من على الشريط الحدودي مع تركيا، في سياق إنشاء المنطقة الآمنة التي تحلم بها أنقرة.
ويرى «ناشطون» مؤيدون لـ«الحر» أن «المسلسل الطويل» لا يستحق التغطية، مع التكرار اليومي لخبر سيطرة من على البلدة، واصفين ذلك بـ«مسلسل من دون خاتمة».
اليوم، وبحسب المتابعين، فإن البلدة الحدودية خالية من السكان، بشكل كامل، وأصبحت كـ«مدينة أشباح»، فهي ساحة لمعارك مستمرة منذ أشهر، ولا يبدو أن طرفاً من الأطراف سيحسم السيطرة عليها في المستقبل القريب، لا سيّما أن «داعش» استعاد الراعي، وطرد «الحر» منها، ما يفتح الباب أمام فصل جديد من «مسلسل الإلغاء الشمالي».
(الأخبار)