لا تستبعد مصادر مقرّبة من الحكومة العراقية أن تُقدم بغداد على طلب استبدال السفير السعودي لديها ثامر السبهان، على خلفية تكرار تصريحاته التي تعد تدخلاً سافراً في الشأن العراقي، وهي الخطوة التي تريد من خلالها الحكومة مواجهة سيل غضب إزاء دور هذا السفير في إثارة المشاكل.وكان السبهان قد صرح، قبل أيام، بأن «الحشد الشعبي يعمل على تأجيج الطائفية في المنطقة كلها، لا في العراق فقط»، مضيفاً أن «الأمثلة كثيرة وخصوصاً في ما حدث من مجازر في الفلوجة».
وبعد انتقادات وُجهت إلى وزارة الخارجية العراقية لما عده سياسيون «تساهلا» مع السبهان، توقّع مصدر قريب من الحكومة أن يُدرج على أعمال جلسة مجلس الوزراء، هذا الأسبوع، ملف السفير السعودي وتصريحاته ومواقفه التي أثارت، على مدى الفترة الماضية، جدلاً واسعاً.
وكان وزير الخارجية إبراهيم الجعفري قد رأى، الجمعة، أن تحركات السبهان في بغداد «تمثل تدخلاً صارخاً في شؤون العراق الداخلية». وقال إن «ما يقوم به لا علاقة له بدوره كسفير، وجرى إبلاغه ذلك رسميا».
وفي هذا الإطار، أشار المصدر لـ«الأخبار» إلى أن موقف الجعفري قد يدفع مجلس الوزراء إلى تقديم «تنبيه أخير» إلى السبهان، قبل المطالبة باستبداله بآخر. إلا أنه استبعد أن تُقدم الحكومة على إغلاق السفارة السعودية، وذلك «بالنظر إلى سياسة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، وفريق مستشاريه الذي يحاول دفع الرياض إلى مواقف أكثر اعتدالاً إزاء بغداد».
من جهته، رد السبهان على ما يجري تداوله بشأن إنهاء مهمته في بغداد، مشيراً الى أنها محاولة لـ«إبعاد المملكة عن العراق». وتحدث عن وجود محاولات لاصطياد أي أخطاء على السفارة السعودية. وقال في مقابلة مع صحيفة «الرياض»، إن «الحملة التي تواجه السفارة السعودية لدى بغداد لا تخفَى على أحد، وهذه الحملات الإعلامية الممنهجة ومحاولة إبعاد المملكة عن الساحة العراقية، لن تفلح في أي حال من الأحوال».
وبما أن «الحشد الشعبي» يقف في مقدمة المعترضين على استمرار السبهان في عمله، فقد رأى القيادي في «الحشد» محمد البصري أن «على الحكومة العراقية أن تأخذ موقفاً صارماً». وقال البصري لـ«الأخبار» إن السفير السعودي «منذ أول لقاء إعلامي له، أفصح عن نوايا السعودية، عندما عينت سفيراً لا يعني ذلك أنها مدّت يدها للعراق، بل هي تصرّ على سياستها العدائية».
الجعفري: تحركات
السبهان تمثل تدخلاً صارخاً في الشؤون الداخلية

وكثيراً ما تفسر تصريحات السفير السعودي على أنها متعمّدة، وتستهدف إثارة حفيظة الحكومة العراقية، وبالتالي دفعها إلى قرار إغلاق السفارة السعودية، التي افتتحتها الرياض بعد مفاوضات شاقة. بمعنى أن هناك من يعتقد بأن الحكومة السعودية تفكر بإجبار العراق على اتخاذ قرار طرد السفير، كي لا يوجَّه إليها لوم مقاطعة العراق، وهو الموقف الذي اتخذته وأصرّت عليه لسنوات طويلة، قبل أن تُقدم على فتح السفارة منذ أقل من عام. ويستند هذا الاعتقاد إلى أن إصرار السبهان على انتهاج سلوك تصعيدي، لم يسبق أن انتهجه أي سفير لدولة أخرى في العراق، من بينهم السفير الإميركي إبان وجود القوات قوات بلاده بعد غزو عام 2003.
ويواجه السبهان، هذه المرة، موجة غضب لا تقتصر فقط على أطراف مناهضة للسعودية، بل من قبل أطراف سياسية تُحسب على أنها مقرّبة من الرياض، وذلك بسبب تعمّده تكرار هجومه على «الحشد الشعبي»، وأيضاً بسبب تصريحات تتعلق بالحرب على «داعش» والملف السياسي. وقد حث زعيم ائتلاف «الوطنية» إياد علاوي، في مقابلة تلفزيونية، الحكومة العراقية على المطالبة باستبدال السبهان بسفير آخر. وقال علاوي، وهو من أبرز الجهات التي كانت تطالب الحكومة العراقية بالانفتاح على السعودية، إن «التصريحات مثل التي يدلي بها السفير السعودي مزعجة جداً، غير مقبولة أيا كان مصدرها». وأضاف «لو كنت رئيس الوزراء لطلبت استبداله بسفير آخر وسكوت الحكومة غير صحيح».
ويمثل موقف علاوي تطوراً في ملف السفير السعودي، إلى جانب موقف زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، الذي عبّر هو الآخر، قبل أيام، عن اعتراضه على زيارة وفد سعودي إلى سجن الناصرية. ويؤشر هذان الموقفان الى اتساع حالات الرفض لاستمرار السبهان في عمله.
وفي السياق، عزا النائب حنين قدو (عضو التحالف الوطني) سكوت الحكومة العراقية إزاء إصرار السبهان على تصريحاته، إلى ضغوط خارجية تتعرّض لها بغداد، لتلافي إغلاق السفارة السعودية. وقال قدو لـ«الأخبار» إن «تصريحات السبهان تعد تطاولاً على السيادة العراقية، لكن لا يوجد حتى الآن تحرك من الحكومة العراقية للجم السفير، وردعه عن التدخل»، مضيفاً أن «طرد السبهان قد يثير قلق دول أوروبية وأميركا، اللتين مارستا ضغطاً على الطرفين للدخول في مرحلة جديدة من العلاقات».
من جهته، قال المختص في الشأن السياسي ماجد الحسني إن «الجهات التي كانت ولا تزال تدفع باتجاه العلاقات مع السعودية، صارت تخشى على أن تكون في المكان الخطأ بسبب السبهان». وأضاف لـ«الأخبار» أن «تحوّل موقف جهات سياسية، مثل علاوي، نابع من اعتقادها بأن استمرار هذا السفير سيعزز موقف الأطراف الأخرى، التي كانت تعارض بالأساس فتح السفارة، كما يؤكد أن الرياض لا تريد علاقات حسن الجوار واحترام السيادة، وبالتالي يضع (الموقف) هذه الجهات أمام حالة من الحرج من الشارع العراقي».