مجدّداً، يؤكد الرئيس السوري بشار الأسد، أن دمشق ترى في مكافحة الإرهاب مدخلاً لأيّ حل سياسي لاحق. الخطوة الأولى وفق الرؤية السورية تكمن في وقف الدعم الإقليمي والدولي للجماعات المسلّحة، ليأتي بعدها مسار الانتقال السياسي. الأسد رأى، في مقابلة مع قناة «SBS» الأوسترالية، أن حلّ القضية السورية السياسي «واضح ومستحيل» في نفس الوقت، لكونه مرتبطاً بمكافحة الإرهاب، في وقت لا تتوقف فيه دول كتركيا والسعودية وقطر عن إرسال جميع أنواع الدعم للإرهابيين، مشيراً إلى أنه «بوقف كل هذا الدعم اللوجستي... وذهاب السوريين إلى الحوار وإجراء نقاش حول الدستور ومستقبل سوريا والنظام السياسي فالحل قريب جداً وليس بعيد المنال».وأشار، في سياق آخر، إلى وجود مفاوضات غير مباشرة مع الإدارة الأميركية، عبر «رجال أعمال يسافرون ويتنقلون حول العالم ويلتقون مسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا ويحاولون نقل رسائل معينة»، معرباً عن قناعته بأن «الإدارة الأميركية جادة بشأن حل المشكلة في سوريا».
وجدد الرئيس السوري تأكيده أن الحوار في جنيف لم يكن «محادثات سورية ـ سورية»، ولم يتعدّ مفاوضات مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، مضيفاً أن دمشق تدعم أي حوار يجمع كل الأطراف السورية، لكن «لا يمكن أن تكون المعارضة تعمل بالوكالة، وبالنيابة عن دول أخرى مثل السعودية أو أي بلد آخر... ينبغي أن تكون معارضة سورية ذات جذور سورية». وحول اتفاق وقف الأعمال القتالية، أشار إلى أنه «لا يزال فعالاً... لكن لا ينبغي أن ننسى أن المجموعات الإرهابية تنتهك هذا الاتفاق يومياً... وطبقاً للاتفاق فإن من حقنا الرد عندما يهاجم الإرهابيون القوات الحكومية». ونفى الرئيس السوري ما أشيع عن خلافات بين الجيش السوري وقوات «حزب الله»، موضحاً أنهم يقاتلون جنباً إلى جنب «بدعم من القوات الجوية الروسية، ضد جميع المجموعات المسلحة، سواء أكانت «داعش» أم «النصرة» أم المجموعات الأخرى المرتبطة بالقاعدة». وشدّد على أن الاجتماع الذي عُقد أخيراً في طهران، بين وزراء دفاع سوريا وروسيا وإيران، يؤكّد «التنسيق الجيد في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب».
ولفت إلى أن استعادة مدينة الرقة والمناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» ليست معركة عسكرية وحسب، مؤكّداً أن «خطر تلك المجموعات الإرهابية لا يتمثل بالأرض التي يحتلونها، لأن هذه ليست حرباً تقليدية... الأمر يتعلق بمدى تمكنهم من زرع أيديولوجيتهم في عقول سكان المنطقة التي يوجدون فيها». وتابع قائلاً إن «الوصول إلى الرقة ليس صعباً جداً من الناحية العسكرية، المسألة مسألة وقت ونحن ماضون في ذلك الاتجاه... إذا تحدثت عن سوريا كميدان عسكريّ منعزل، فإنه يمكن الوصول إلى تلك المنطقة خلال أسابيع أو أشهر قليلة، لكن دون أخذ الجهد التركي في دعم الإرهابيين بالاعتبار، فإن أي جواب سيكون بعيداً عن الواقع وغير حقيقي».
وقال إن دمشق تدعم أي جهد لمكافحة الإرهاب بشرط أن يكون «حقيقياً وليس استعراضياً» كما يحدث في الشمال السوري، مضيفاً: «هذا الجهد ينبغي أن يكون من خلال الحكومة الشرعية، وليس لمجرد أنهم يرغبون في محاربة الإرهاب ويستطيعون الذهاب إلى أي مكان في العالم... نحن حكومة شرعية ودولة ذات سيادة». ولفت إلى فشل 60 دولة منخرطة في «التحالف الدولي» في ردع «داعش» وإيقاف تقدمه، كما حدث عقب تدخل القوات الجوية الروسية. وفي السياق، أوضح الأسد أن هناك فهماً خاطئاً في الغرب، يقول إن الدعم الروسي والإيراني يأتي لمصلحة الرئيس السوري، والواقع أنهم «عندما يدافعون عن سوريا، يدافعون عن الاستقرار ويدافعون وعن مصالحهم» لكون «الفوضى في سوريا ستؤدي إلى إحداث أثر الدومينو في منطقتنا، وهذا سيؤثر في البلدان المجاورة وفي إيران وروسيا وكذلك في أوروبا».
كذلك، أشار الرئيس السوري، إلى وجود مفاوضات غير مباشرة مع الإدارة الأميركية، عبر «رجال أعمال يسافرون ويتنقلون حول العالم ويلتقون مسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا ويحاولون نقل رسائل معينة»، معرباً عن قناعته بأن «الإدارة الأميركية جادة بشأن حل المشكلة في سوريا». وأوضح أنه «ليست لدينا مشكلة مع الولايات المتحدة. إنها ليست عدوتنا ولا تحتل أرضنا. لدينا خلافات معها، لكن في أوقات وظروف مختلفة تعاونّا معها... لكن هذا التعاون يعني التحدث عن المصالح المشتركة ومناقشتها والعمل لتحقيقها وليس عن مصالحهم على حساب مصالحنا»، مشيراً إلى أن دمشق «لا تراهن على أي رئيس أميركي، لأن ما يقولونه عادة في حملاتهم الانتخابية يختلف عما يفعلونه بعد أن يصبحوا رؤساء».
وحول العدد الكبير من اللاجئين الذين غادروا سوريا، رأى الأسد أن «خسارة هؤلاء الأشخاص وتحولهم إلى لاجئين يعني خسارة مواردنا البشرية... معظم هؤلاء متعلمون ومدربون بشكل عالٍ ولديهم أعمالهم في سوريا في مختلف المجالات. أنت تخسر كل هؤلاء ونحن بالطبع بحاجة لهم».