عمان | مع تأكيد رئيس ديوان التشريع والرأي الأردني، نوفان العجارمة، فتوى الديوان بجواز نقل أملاك جماعة «الإخوان المسلمين» في المملكة، إلى «جمعية الإخوان المسلمين» المنشقة عنها والمرخصة حديثاً، تكون الحكومة الأردنية قد أطبقت على كُبرى الجماعات المعارضة في البلاد بالطرق القانونية، وبزخم الدعم من قيادات تاريخية كبيرة انشقت عن الجماعة الإسلامية الأكبر في البلاد.في هذه الأثناء، تسربت إلى الإعلام مسودة تعديلات لقانون العقوبات٬ وفيها مادة تعاقب بالحبس على المشاركة في إضرابات داخل سبعة قطاعات، منها الصحة والتعليم، وهي سابقة ستليها ردود فعل إذا أقرت على هذه الحال، ولكن التخوف من أنّ ردود الفعل ستخرج ضعيفة في ظل تشرذم صفوف المعارضة.

وتضمنت المسودة، وفق مصادر قانونية مطلعة على المقترح الحكومي٬ مادة جديدة تحت بند «التهاون في الواجبات الوظيفية» تعاقب من يتوقف عن العمل أو يحرض على ذلك في قطاعات تقدم خدمات أساسية للمواطنين٬ بالحبس ثلاثة أشهر، أو بالغرامة من 50 إلى 200 دينار. ولا يقتصر العقاب في هذه الحالة على الموظفين الحكوميين، بل يمتد إلى نظرائهم في القطاع الخاص!
نقيب المعلمين الأردنيين حسام مشة (إسلامي) شنّ هجوماً لاذعاً على الحكومة لإدراجها مادة حبس المضربين، باعتبار ذلك مخالفة دستورية صريحة، إذ إن القانون كفل حرية التعبير. وذهب الأمر بمشة إلى اعتبار التعديل يستهدف المعلمين بالذات، ولكن الخبير القانوني محمود الدقور، قال إن التسريبات حول التعديلات لم تتأكد بعد، فيما اتفق مع سابقه في كونها مخالفة للدستور.
وسط ذلك، رأى المحلل السياسي عامر السبايلة أن السلوك الحكومي «يأتي ضمن محاولات سياسية لتصعيب فكرة الإضراب»، مستدركاً بأن «مجمل الحراك الإصلاحي في المملكة بات يعاني شللاً مزمناً، فالاهتمامات الخارجية الإقليمية لأكبر فصائل المعارضة (الإسلاميين) كاعتصاماتهم أمام السفارة السورية أكثر أهمية كما يرون من القضايا الداخلية!».
في سبيل ذلك، يستشهد السبايلة بأن مراقب الإخوان الأردنيين، همام سعيد، ترك كل مشكلات الجماعة والناس وذهب ليصرح عبر فضائية الجزيرة مثنياً على الدور السعودي وداعياً إلى «عاصفة حزم جديدة» ضد سوريا والعراق، وهو «ما قد يفهم منه محاولة إحياء لمشروع خاص بجماعة الإخوان عبر الاستفادة من التناقضات الإقليمية لاستثمارها داخلياً».
وفي النتيجة، يرى مراقبون أن الانشغال في الأزمات المحيطة وتشتت المعارضين أوصل الجمهور إلى فقدان الثقة بأكبر أحزاب المعارضة، كذلك جمدت التحولات الدموية للأحداث في دول مجاورة التفكير في أي حراك شعبي تحاشياً لانتقال المشاهد نفسها إلى المملكة، في ظل غياب «مشروع جامع» في وجه الحكومة.
ولتأكيد «شلل الحراك» الشعبي، ثمة قضايا كبيرة مرت دونما حراك، كرفع تسعيرة الكهرباء ثم إعلان نية الحكومة تحرير أسعار الطحين، فضلاً عن توقيف ناشطين في الحراك الشبابي وصحافيين وحزبيين كبار، كلها مرت جميعها مرور الكرام دون أن تستطيع قوى المعارضة حشد الناس في الشارع.
عضو المكتب السياسي في حزب «الوحدة الشعبية» فاخر دعاس، قال بدوره إن غياب الأولوية في المطالب الاقتصادية يعود إلى أن فئات ترى أن المطالب السياسية أهم، لكن الحقيقة أن الأزمة السورية والمواقف المتناقضة منها شتتت قوى الحراك. وأضاف: «خارجياً استغلت الحكومة أوضاع المنطقة لتجعل من شعار الأمن والأمان وصفة سحرية تبرر بها تقاعسها عن الإصلاح».
بالنسبة إلى «الإخوان»، فإن دعاس (يسار) لا يعتقد أنهم فقدوا القدرة على التحشيد، لكنهم «مصابون بالضعف نتيجة الصراعات الداخلية بينهم، إضافة إلى تراجع دور الإخواني على الصعيد العربي بعد سقوط حكمهم في مصر وفشلهم في تونس، ما أعطى الحكومة الأردنية قدرة أكبر على فرض المزيد من الضغوط عليهم».
يذهب الكاتب والناشط إسلام صوالحة إلى أبعد من ذلك، متهماً الأجهزة الأمنية وتحديداً «المخابرات العامة»، بأنها احتوت بعض القيادات البارزة للحراك وهو ما أدى إلى ضعف زخمه بعد سياسات الترضية من جهة، ومن جهة أخرى تشويه صورة الحراك أمام الرأي العام من منتصف عام 2012، كما يقول.