ليس التحريض الصادر عن الإسرائيليين وأنظمة عربية ضد إيران هو القاسم المشترك الوحيد بينهم؛ ثمة ما هو ساقط أساساً من حسابات الحكام العرب: فلسطين آخر ما يمكن التفكير فيه، لكن لا مانع من وضعها على طاولة الحديث العربي ــ الإسرائيلي
يحيى دبوق

ينوي رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تلقف «المبادرة المصرية الطيبة» تجاه إسرائيل، المتمثلة بزيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، والدفع إلى عقد «مؤتمر إقليمي»، عنوانه استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، لكن ذلك من شأنه أن يحقق التطبيع أكثر مع الدول العربية «المعتدلة»، والانتقال بالعلاقات معها من الخفاء النسبي، إلى العلن.
صحيفة «إسرائيل اليوم»، المقربة من نتنياهو، كشفت عن نياته أمس، وأشارت إلى وجود عائقين يحولان دون عقد «المؤتمر الإقليمي»، بحضور السعودية ومصر وغيرهما من «الدول المعتدلة»، هما: تردد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وشرط إسرائيل بألا يصار إلى وضع شروط مسبقة للمفاوضات. وكما يبدو، تدفع تل أبيب الكرة باتجاه دول «الاعتدال» لتذليل العائقين، ما يسمح بانطلاق المؤتمر والاستفادة الإسرائيلية القصوى منه، في موازاة حرمان الفلسطينيين أي فوائد عملية.
زيارة وزير الخارجية المصري، التي وصفت إسرائيلياً بأنها إشارة تحول من التنسيق الأمني والاستخباري إلى التنسيق على أعلى المستويات، إضافة إلى خطاب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في نيسان الماضي، حول العملية السياسية مع الفلسطينيين، بجانب «الإشارت الطيبة» الواردة من السعودية ودول الخليج «المعتدلة»، تعزز كلها إستراتيجية نتنياهو في إمكانية التطبيع مع الدول العربية، من دون دفع أثمان للفلسطينيين.
إسرائيل بالنسبة إلى دول الخليج «حليف يمكن الاعتماد عليه»

في السنوات القليلة الماضية، دار لدى القيادة الإسرائيلية ومعارضيها تجاذب غير متكافئ بين الدعوة إلى الاستجابة للمبادرة السعودية لعام 2002 مع تعديلات، كمدخل لحل الصراع مع الفلسطينيين ثم التطبيع مع الدول العربية، ودعوة اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو، إلى أن التطبيع مع الإعتدال العربي هو المدخل لحل الصراع مع الفلسطينيين.
آمن نتنياهو بالمقاربة الثانية وبإمكان تطبيقها، وخصوصاً مع تبدل المواقف الخليجية من إسرائيل، ونظرتهم إليها كحليف لا عدو، مع فتحهم قنوات من تحت الطاولة للتنسيق معها «لمواجهة التهديدات المشتركة». و«المؤتمر الإقليمي» هو المدخل، وفق نتنياهو للتطبيع، ويفتح الأبواب كاملة أمام إسرائيل نحو العواصم العربية، أما القضية الفلسطينية، فيمكنها أن تبقى على طاولة التفاوض، إلى ما يشاء المفاوضون.
وتنظر تل أبيب إلى التطبيع باعتباره مطلباً ومصلحة لدول «الاعتدال»، قبل أن يكون مطلباً ومصلحة لإسرائيل. وهي تدرك جيداً أن فلسطين والقدس هما في أسفل سلم اهتمامات الحكام العرب، وأن ما يحول دون التطبيع مع إسرائيل وإعلان التحالف معها بصورة علنية، هو خشية الحكام رد فعل شعوبهم، الأمر الذي يدفعهم إلى التروي، والبحث عن مخارج. كما يرى نتنياهو أن «المؤتمر الإقليمي»، ضمن العنوان الفلسطيني شكلاً، مخرج ملائم لمعالجة خشية الأنظمة العربية من شعوبها.
عموما، تلقى نتنياهو تشجيعاً من حكام دول «الاعتدال»، وفي مقدمتهم السعودية، بعد الأنباء الأخيرة عن إمكان تعديل المبادرة العربية لعام 2002، بما يتماشى مع تحفظات إسرائيل. في الوقت نفسه، لم يعد هؤلاء الحكام يشترطون حل القضية الفلسطينية للتطبيع، بل مجرد «شيء ما» على طاولة المفاوضات، وهذا ما يرد إلى تل أبيب من اللقاءات البينية في الغرف المغلقة، وغير المغلقة، بين الجانبين. وهذا التحول إشارة تعزز رؤية نتنياهو وإستراتيجيته أكثر، لما يسميه «الحل الإقليمي»، وأن الصبر أكثر مع الحكام العرب، من شأنه أن يدفعهم إلى التنازل أكثر، إلى الحد الذي يتوافق تماماً مع رؤيته للمصالح الإسرائيلية.
زيارة شكري إلى القدس المحتلة ولقاؤه نتنياهو، لم يأتيا من فراغ، ولا يسعيان إلى «تحسين العلاقات» المعززة أساساً. وهي تصب في المصلحة المشتركة بين إسرائيل ودول «الاعتدال» العربي، للتطبيع بينهما، بدءا من «المؤتمر الإقليمي» ومن خلاله، مع السعي إلى إيجاد مخارج ملائمة تتيح للحكام العرب القول إنهم قاموا «بشيء ما» للقضية الفلسطينية، في محاولة تهدئة شعوبهم.
أما الخاسر الأكبر، بطبيعة الحال، فهو الشعب الفلسطيني. والإخفاق الأكبر، سيكون من نصيب القيادات الفلسطينية التي ارتضت منطق التفاوض والتسويات على الحقوق على طاولة المحادثات المعطلة مع الإسرائيليين. المحتل إن لم يجد ما يخسره جراء احتلاله، فلا دافع لديه ولا سبب، كي يتنازل أو يتراجع عن شبر من الأرض. صدق الإسرائيليون عندما قالوا إن فلسطين باتت ذكرى من الماضي لدى الحكام العرب.




إسرائيلي يتسلل إلى غزة والعدو يعلن فقدانه

أعلن جيش العدو الإسرائيلي اجتياز إسرائيلي الشريط الفاصل على الحدود مع قطاع غزة وفقدانه بعدها. وحلّقت طائرات استطلاع العدو بكثافة في سماء غزة، عقب تسلل الإسرائيلي الذي قالت وسائل إعلام الاحتلال إنه «بدوي عربي يحمل الجنسية الإسرائيلية».
وقالت مصادر من داخل غزة، إن طائرات الاحتلال لم تفارق الحدود الشرقية والشمالية للقطاع منذ ليل أول من أمس.
يذكر أن إسرائيليَّين تسللا إلى غزة في الأشهر الماضية: الأول أبرها منغيستو من أصل إثيوبي، والثاني بدوي. وقالت وسائل إعلام العدو حينذاك إن الرجلين مختلان عقلياً، وتبين لاحقاً أن منغيستو جندي في الاحتياط الإسرائيلي، على أن هذين الاثنين صارا يعتبران أسرى لدى حركة «حماس»، بانتظار أن يتبين مصير الذي دار الحديث عنه أمس.
(الأخبار)