اقتحمت الجماعات المسلحة الموالية للتيار السلفي، أمس، قرية الصراري الواقعة في مديرية صبر الموادم غرب مدينة تعز، بعدما حاصرت القرية ومنعت دخول المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات الإغاثية لمدة عام، متنصلةً من كل الاتفاقات القبلية التي أبرمت بين قبائل تعز. وقالت مصادر محلية لـ«الأخبار» إن «كتائب الحسم» التي يقودها عدنان رزيق والمرتبطة بـ«كتائب حماة العقيدة» السلفية ويقودها عادل فارع الملقّب بـ«أبو العباس»، هاجمت القرية وأقدمت على قتل العشرات وأسر العديد من المواطنين، قبل أن تحرق قرابة 50 منزلاً سكنياً، بالإضافة إلى إحراق مسجد الشيخ الصوفي جمال الدين، وهو مسجد أثري قديم. كذلك، دهمت تلك الجماعة منازل المواطنين تحت مبرر «البحث عن منتمين إلى أنصار الله وعن السلاح»، وأقدمت على نهب محتويات عدد من المنازل.
اللجنة الثورية العليا: ما جرى في الصراري «كارثة إنسانية»
وفيما ادعت تلك الجماعات أن المعتقلين من أبناء القرية مسلحون وموالون لـ«أنصار الله»، أكد مصدر محلي أن جميع المعتقلين مدنيون ولم يحملوا السلاح ولا شاركوا في أي مواجهات، مشيراً إلى أن المجموعات المسلحة ارتكبت جريمة بحق أبناء قرية الصراري تحت مبرر تعاطفهم مع «أنصار الله» ورفضهم الوقوف إلى جانب «التحالف» والسماح لتلك الجماعات في التمترس في أراضيهم وتحويل قريتهم إلى بؤرة صراع. وأكد المصدر إقدام الجماعات المسلحة التابعة لحزب «الإصلاح» على ممارسة مختلف أساليب القمع والاضطهاد بحق أبناء القرية، حيث اعتقلت نحو 50 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، ونقلتهم إلى خارج القرية بصورة مهينة، وأجبرت عشرات الأسر على الخروج من منازلها بقوة السلاح. ووردت مساءً أنباء عن تهديد تلك الجماعات الأسرى بإعدامهم.
وفي أول ردّ فعل على الجريمة، طالبت لجنة التهدئة والتنسيق لوقف إطلاق النار في تعز المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ بالتدخل السريع لإيقاف الجرائم التي ترتكبها الجماعات المسلحة التابعة لحزب «الإصلاح» بحق المواطنين في قرى عزلة الصراري المحاصرة. وأوضحت اللجنة في بلاغ إلى المبعوث الدولي أن أبناء قرية الصراري وما جاورها من قرى تتعرض لجرائم حرب وإبادة وتنكيل وإحراق لمنازلهم. ودعا البلاغ ولد الشيخ إلى القيام بواجبه الإنساني تجاه أبناء هذه المناطق، لوقوع تلك القرى ضمن مناطق سيطرة «المقاومة». وقال البلاغ: «نطالبكم بالتدخل السريع لإيقاف تلك العصابات عند حدها والعمل على الحد من المجازر والمذابح التي بدأوا بارتكابها بحق المدنيين العزل من السلاح». وحمّل البلاغ الأمم المتحدة مسؤولية ما جرى، لأنها لم تقم بواجبها في حماية المدنيين وتنفيذ الاتفاقيات الموقع عليها من الأطراف.
في سياق متصل، علّق المتحدث باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، على اقتحام الصراري قائلاً: «تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يقوم الجيش واللجان الشعبية بالتقدم نحو سفح جبل في مواجهة مقاتلين محليين وأجانب، ويسود الصمت عندما تقتحم قرية بلا مبرر».
من جهته، وصف رئيس «اللجنة الثورية العليا»، محمد علي الحوثي، ما تعرضت له القرية بـ«الكارثة الإنسانية». وأكد في اتصال هاتفي مع الممثل المقيم للأمم المتحدة في اليمن جيمي ماكغولدريك والمدير العام لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جورج خوري، أن ما يحدث في تعز «جريمة إبادة جماعية بكل المقايس»، مشيراً إلى أن «الجماعات المسلحة مارست القتل والتهجير أمس بعدما حاصرت أهالي القرية من دخول الغذاء والدواء لأسابيع». وطالب بالتدخل العاجل لإنقاذ أهالي القرية وتوفير ممرات آمنة لهم وتسهيل وصول الإغاثة وخدمات الإيواء واحتواء الوضع الإنساني أو أي تطورات قد تنتج من الجرائم التي تستهدف أبناء القرية من قبل أدوات التحالف ومرتزقته».