في خطوةٍ أرخت بثقلها على المسار السياسي لحلّ الأزمة اليمنية، أعلنت حركة «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» تشكيل «مجلس سياسي أعلى» لإدارة البلاد وتسيير أعمال الدولة، ما قابله وفد الرياض بإعلان الانسحاب من المحادثات التي كان من المفترض أن يتم تمديدها أسبوعاً إضافياً. ومنذ إطلاق «اللجنة الثورية العليا» الإعلان الدستوري في شهر شباط من عام 2015، أثيرت تساؤلات عن إحجام حركة «أنصار الله» وحلفائها عن تشكيل مجلس رئاسي في ظلّ الفراغ السياسي والأمني المتفشي في البلد.
إلا أن الحركة اليمنية وحلفاءها لم يستخدموا هذه «الورقة» إلا الآن، في فعلٍ يمكن ربطه بالتأزم الذي خيّم على مفاوضات الكويت، بجولتيها، وعرقلة الطرف الآخر للشروع في تأسيس سلطة سياسية انتقالية تشرع في حلّ الملفات الأخرى العالقة.
ووفقاً لنصوص الاتفاق، يتكوّن المجلس المتفق عليه من عشرة أعضاء من كل من حزب «المؤتمر» وحلفائه ومن «أنصار الله» وحلفائهم بالتساوي، «بهدف توحيد الجهود لمواجهة الحرب المستمرة ولإدارة شؤون الدولة في البلاد على المستويات السياسية والإدارية والعسكرية وغيرها وفقاً للدستور». وحدد الاتفاق صلاحيات واسعة للمجلس؛ من ضمنها إصدار القرارات واللوائح المنظمة والقرارات اللازمة لإدارة البلاد ومواجهة الحرب، كما اتفق الجانبان على أن تكون رئاسة المجلس دوريةً بين «المؤتمر» وحلفائه و«أنصار الله» وحلفائهم ويسري الأمر نفسه على منصب نائب رئيس المجلس. ونصت الفقرة الثالثة من الاتفاق المذيّل بتوقيع رئيس المجلس السياسي لـ«أنصار الله» صالح الصماد ونائب رئيس حزب «المؤتمر» الشيخ صادق أمين أبو راس، على أن يكون للمجلس السياسي الذي نقلت آلية صلاحيات «اللجنة الثورية العليا» تلقائياً (سكرتارية عامة/ أمانة عامة)، وأن يتولى تحديد اختصاصاته ومهماته اللازمة لمواجهة العدوان وإدارة البلاد ورسم السياسة العامة للدولة وفقاً للدستور وذلك بقرارات يصدرها المجلس.
وفد هادي: «إعلان صنعاء» أطلق رصاصة الرحمة على مستقبل العملية السياسية

وأكد البيان أن الهدف من توقيع الاتفاق في الظرف الحالي «توحيد الإرادة السياسية لإدارة البلاد وتسيير أعمال الدولة، بما يحقق استقلالية القرار الوطني والإرادة الوطنية الحرة». وأشار إلى أن الاتفاق التاريخي يأتي من منطلق المسؤولية التاريخية والوطنية التي يتحملها «أنصار الله» و«المؤتمر» في هذه المرحلة الحرجة والبالغة الخطورة والتعقيد وجراء استمرار العدوان والإصرار على عدم التوصل إلى حلول تضمن إحلال السلام الشامل والكامل. الاتفاق الذي نقل التحالف بين حركة «أنصار الله» من تحالف الضرورة إلى الشراكة في إدارة البلاد ومواجهة العدوان، عدّه محللون خطوة استراتيجية لتوحيد جهود «أنصار الله» و«المؤتمر» وإزالة التباينات بينهما، إضافةً إلى أنه «سيُحدث تغييراً في معادلات الحرب والسلم في البلاد، وسيعزز الجبهات العسكرية في مختلف الجبهات وقد يحدث تغييراً مفاجئاً في مسار المواجهات العسكرية»، بحسب المراقبين.
وفي أول تعليق له على هذه الخطوة، أكد صالح الصماد أن هدف الاتفاق توحيد الجبهة الداخلية، مشيراً إلى وجود مؤشرات خطيرة تفيد بأن «التحالف» يريد إبقاء سيطرته على الأزمة اليمنية. وقال الصماد إن الاتفاق الذي وصفه بالاستراتيجي، «جاء بعد جهود كبيرة بذلتها هذه القوى الوطنية سواء في ما يتعلق بالمفاوضات والخروج من الواقع المشلول».
وعقب الإعلان الصادر من صنعاء أمس، أكد المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ أن توقيع هذا الاتفاق «يشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الرقم 2216». وطالب عبر موقع «فايسبوك» بـ«الامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الانفرادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن»، داعياً إلى «التوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية في اليمن». وأشار أيضاً إلى أن «الترتيبات الأحادية الجانب لا تتسق مع العملية السياسية وتعرّض التقدم الجوهري المحرز في محادثات الكويت للخطر».
وعقب بيان ولد الشيخ، أعلن نائب مدير مكتب الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، عبدالله العليمي، أن المشاورات «انتهت تماماً»، شاكراً «الأشقاء في الكويت» على الجهود. وأكد عبر موقع «تويتر» أن ما جرى في صنعاء «هو الوجه الحقيقي للانقلاب والرصاصة الأخيرة ليس فقط على مسار المشاورات، بل على مستقبل العملية السياسية برمتها، وعلى الميليشيات الانقلابية تحمل تبعات ذلك».
وعلى المستوى الميداني، سيطر الجيش و«اللجان الشعبية» أمس على مديرية حيفان وعزلة الأثاور ومنطقة الخزجة جنوبي تعز بالكامل، وأكد مصدر محلي أن قوات الجيش و«اللجان الشعبية» أمنت الطرقات العامة الرابطة بين تعز وحيفان وعزلة الأثاور. وفي مديرية نهم، شرقي صنعاء، تجددت المواجهات المسلحة بين قوات الجيش و«اللجان» الشعبية والقوات الموالية لهادي في جبهة يام يوم أمس. ووفق مصادر محلية، فإن تلك المواجهات شملت جبلي ظافر والقذاف، والتلال المحيطة بهما.