قبل أيام، اقتحمت مجموعات مسلحة موالية للتحالف السعودي قرية الصراري في محافظة تعز، حيث قتلت العشرات من أبنائها وأسرت 50 شخصاً منهم. وطاولت ممارسات المجموعات التابعة لحزب «الإصلاح» ومنهم عناصر من تنظيم «القاعدة» مسجد القرية الذي دمروا قبته كما نبشوا ضريح الولي جمال الدين، أحد أولياء الصوفيين.الجريمة التي لاقت صمتاً دولياً وإعلامياً شبه تام، وقعت على خلفيات مذهبية واضحة، بعد حصارٍ دام سنة على القرية وأهلها، منعت خلاله المواد الغذائية والحاجات الأساسية من الدخول إليهم. أهل قرية الصراري رفضوا تأييد الحرب السعودية أو القوات المحلية الموالية لها، ما كان كافياً لـ«معاقبتهم» بالقتل والأسر. وكلّ ذلك يحصل في ظلّ «تهدئة» مفترضة أعلنت عنها الأمم المتحدة قبل أشهر وأعلنت الأطراف المتحاربة الالتزام بها، لكن الانتهاكات لم تتوقف منذ ذلك الحين جواً وبرّاً، من دون أن تبدي المنظمة الدولية اعتراضاً يُذكر، حتى على وإن كان الأمر يتعلّق بمجزرة.
«الأخبار» طرحت بعض الأسئلة على الشيخ الصوفي عدنان الجنيد أحد شيوخ آل الجنيد المنحدرين من القرية، ليوضح حقيقة ما شهدته الصراري وأسبابه. وأكد الجنيد أن المتهم الأكبر في اقتحام قرية الصراري هو المدعو عارف جامل، الذي رافقته فصائل تابعة لـ«القاعدة» ولحزب «الإصلاح»، مثل كتائب «أبو العباس» أحد القادة البارزين في تنظيم «القاعدة»، وكتائب عدنان زريق، الذي أتى من محافظة شبوة مع مجموعته المسلحة.
أما لماذا استهدفت هذه الجماعات قرية الصراري تحديداً، فيؤكد الشيخ أن سكان القرية وجوارها هم من آل الجنيد الذين يتبعون المنهج الصوفي، وبعضهم اعتنق المذهب الجعفري والبعض الآخر الزيدي، أما كبار السنّ، فكلهم شافعيون، «إضافةً إلى أن أهالي قرية الصراري والقرى المجاورة لها كلهم مناهضون للعدوان السعودي على بلادهم» يتابع الجنيد الذي يوضح في هذا السياق أن قرية الصراري «هي القرية الوحيدة في جبل صبر التي لم يدخلها الفكر الوهابي لأن أهلها كلهم كانوا ضد هذا الفكر».
وينفي رجل الدين الأنباء التي روّج لها الإعلام السعودي والخليجي حول قتال أبناء الصراري في صفوف «أنصار الله» في إطار تبرير المجزرة، مؤكداً أن معظم سكان القرية هم أطفال ونساء وكبار السن وطلاب مدارس، أما رجال القرية، فالكثيرون منهم في صنعاء موظفون في المؤسسات الحكومية.
ويتحدث الجنيد عن الحصار الذي دام سنة على القرية، حين كان الطعام يدخل إلى القرية في الشهور الأولى للحصار بصورة شحيحة وبأسعار مضاعفة وبمساعدة بعض أهالي القرى القريبة من قرية الصراري، لكن الحصار أصبح مطبقاً في الأشهر الأخيرة، فباتوا يأكلون فتات الطعام الذي جرى تخزينه في الشهور السابقة، من أجل أن يجعلوه طعاماً لأبقارهم وأغنامهم وكانوا يربطون على بطونهم من شدة الجوع لأنهم كانوا يقتصدون في الأكل ويأكلون القليل من الطعام وذلك حتى يكفيهم للأيام المقبلة.
أما بشأن تدمير مسجد جمال الدين ونبشه، فيقول إن من يسميهم «دواعش الإصلاح» لم يكتفوا بتفجير المسجد الأثري القديم، بل عمدوا أيضاً إلى هدمه وإخراج رفات الولي وإحراقه، كذلك، نبش المسلحون قبور بعض الشهداء وأحرقوا جثثهم.
حمّل الجنيد حزب «الإصلاح» والمجموعات التابعة له المسؤولية عما جرى، أما في الخارج، فيرى أن السعودية والولايات المتحدة الداعمة لحملتها العسكرية على اليمن، هما المسؤولتان عن هذه الجرائم، وكذلك الأمم المتحدة «التي لم تصدر حتى بياناً واحداً يدين المجزرة».