شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة تراشقاً كبيراً بين شباب «جماعة الإخوان المسلمين» من المبعدين خارج مصر إلى السودان ومن يدعمهم من جهة، وبين مؤيدي «جبهة محمود عزت» التي تمثل الطرف المهيمن والساعي إلى السيطرة الكلية على التنظيم. ظهرت «هاشتاغات» على سبيل (#يسقط_الكفيل)، تعبّر عن رفض «أساليب القمع» التي تمارسها قيادات إخوانية على شباب هربوا من مصر بسبب معركة الجماعة والنظام، وإلى أي مستوى قد وصل الشقاق بين الأجيال.تحدث هؤلاء عن أساليب عدة للقمع، خاصة تهديدهم بحرمانهم الكفالة المالية (تشمل السكن والمصروف الشهري) التي يتلقونها من الجماعة وهم بالخارج، نظراً إلى موقف تنظيمي داخلي. لكن يبدو أن الشقاق والانقسام الدائرين داخل «الإخوان» على أكثر مستوى وصل أخيراً إلى مراحل صعبة، قد يدفع ثمنها حالياً الهاربون إلى السودان، ممن وصلتهم تهديدات بتسليمهم للأمن هناك.
تلقى الهاربون إلى الخرطوم تهديدات بتسليمهم للأمن السوداني

يحكي أحدهم، متحفظاً عن اسمه في حديث إلى «الأخبار»، أن «الضجة التي أثيرت عبر التواصل الاجتماعي دفعت قيادات كبيرة محسوبة على جبهة محمود عزت إلى منع النفقات الشهرية عن الشباب الذين ينحازون إلى غير عزت، بالإضافة إلى تهديدهم بالطرد من المسكن». ويلفت الشاب، الهارب إلى الخرطوم، إلى أن «عشرات من شباب الإخوان قرروا العودة إلى مصر مرة أخرى هرباً من جحيم قيادات الإخوان، رغم وجود أخطار تلاحقهم بالاعتقال في مصر».
خلافات «الإخوان» المالية حول ملف المطاردين والمعتقلين وأسر الضحايا، الذين ماتوا في «رابعة العدوية»، وكيفية دعمهم مالياً، ليست وليد اليوم، بل سبق أن أرسل «المكتب الإداري للإخوان في محافظات الفيوم وبني سويف»، جنوبي مصر، ومكتب الإسكندرية (شمال)، شكاوى تفيد بمنع النفقات عن أسر المعتقلين. وبناءً على ذلك، وبسبب بيانات كثيرة صدرت عن مكاتب إدارية للجماعة، تبين أن المال صار وسيلة حاسمة في الصراع الدائر حالياً، ولو كان ذلك على حساب حاجات الأسر الموالية أو المناصرة.
من جهة أخرى، فإن ملف المعتقلين يفضح الأزمة المتمثلة لغياب النفقات المالية عن أسرهم جراء الصراع بين قيادات «الإخوان»، وهو ما تؤكده روايات بعض العاملين في هذا الملف داخل مصر، بعدما اضطرت بعض أسر المعتقلين إلى بيع أثاث منازلها والنزول للبحث عن عمل وتقليل عدد الزيارات لذويهم.
هبة عاطف، إحدى العاملات الإخوانيات في ملف أسر المعتقلين، وهي مخطوبة لأحد المعتقلين الحاليين، قالت إن قيادات الإخوان التاريخية لا يعبؤون بواجباتهم تجاه مناصريهم، رغم استمرار ضغوط السلطات وفقدان المئات من الإخوانيين وظائفهم.
وتعتمد «الإخوان» في جمع الأموال على ما تضمنه لائحة الجماعة من دفع «العضو العامل» ما يعادل سبعة بالمئة من دخله الشهري إلى الجماعة التي يجب أن تنفقها على رعاية العائلات المنضوية تحتها، ثم على نشاطها الدعوي والسياسي داخل مصر وخارجها، فضلاً عن تبرعات رجال الأعمال الإخوانيين في الخليج والعالم.
ومع خروج أزمة شباب الإخوان في السودان وانتشار تفاصيلها، دفع ذلك بعض قيادات الإخوان الإعلامية المحسوبة على محمود عزت إلى مطالبة أولئك بـ«احترام القيادات وعدم الإساءة إليها في مواقع التواصل الاجتماعي».
جراء ذلك، لجأ «مكتب الأزمة في الخارج» (الطرف الخصم لجبهة محمود عزت) إلى تشكيل لجنة مهمتها فحص الشكاوى المالية من جانب شباب وأعضاء الإخوان الذين شكوا تقصير قيادات عزت في دعمهم، ثم أخذ المكتب على عاتقه التواصل مع المكاتب الإدارية داخل مصر التي تعاني حاجة مالية في ملف المعتقلين والشهداء. وقالت مصادر إخوانية قريبة من «مكتب الأزمة» إن ذلك سيعزز حضورهم مقابل المشكلات التي صنعها محمود عزت.
و«مكتب الأزمة»، الذي يتركز حضوره في إسطنبول، يحاول تقديم نفسه باعتباره البديل الأمثل للقيادة التاريخية المنشغلة، كما يقول، في السيطرة على التنظيم في كل المحافظات المصرية.
ومع تزايد معاناة «شباب الإخوان» في السودان من المنع المالي ضدهم، يسعى عدد منهم إلى السفر متجهين إلى قبرص ومنها إلى تركيا، لعل في إسطنبول فرجاً، خاصة أن عدداً من الذين وصلوا إلى تركيا استطاعوا إنشاء مشروعات خاصة بهم على خلاف الباقين في السودان.