لليوم السادس على التوالي يواصل مسلحو «جيش الفتح» محاولات كسر «الطوق» وفكّ الحصار عن مدينة حلب. لكن هذه المحاولات ظهرت في اليومين الأخيرين مركّزة على نقاط محددة، على عكس «جبهة الـ20 كيلومتراً» التي تكلّم عنها قادة الهجوم في اليوم الأول.يوم أمس، كان الهدف كلية المدفعية في منطقة الراموسة، حيث رمى «جيش الفتح» بثقله هذه المرّة للسيطرة عليها.
عملية رافقها كالمعتاد حملة إعلامية سبقت «غزوة إبراهيم اليوسف» في إعلان الانتصارات. لكن في الواقع فشلت موجة «الفتح» الخامسة على محور كلية المدفعية، بعد تكبّده خسائر فادحة عدّةً وعديداً، ما دفع بالفصائل المحاصرة في الأحياء الشرقية إلى إعلان هجومٍ ثانٍ، بعد فشل الأول. وانعكس الفشل هدوءاً حذراً ساد محور كتيبة المدفعية، خرقته رشقات رشاشة للجيش باتجاه المجموعات المسلحة التي حاولت سحب جثث قتلاها من أرض المعركة، وإسعاف جرحاها.
وبدأ هجوم «المدفعية» بتفجير «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة) لعربتين مفخختين، تلى ذلك تقدّم المشاة إلى منطقة المقالع وكلية التسليح وبوابة كلية المدفعية، الأمر الذي أدّى إلى تراجع الجيش من بعض نقاطه لاستيعاب الهجوم، وإعادة التموضع، والعمل على إفشاله.
وفيما سيطر المسلحون على عددٍ من النقاط، قبل انسحابهم منها في وقتٍ لاحق، سارعت وسائل الإعلام العربية، وتحديداً الخليجية، إلى إعلان السيطرة على «المدفعية» ونشر خرائط توضيحية، وصور تؤكّد الاستيلاء على مستودعات الذخيرة. لكن «الفتح» فشل في «لعبته» الإعلامية، خصوصاً أنه نشر صوراً لمستودعات مهين، في ريف حمص الجنوبي، والتي سبق أن سيطر المسلحون عليها أواخر 2013، قبل أن ينسحبوا منها.
وفيما يتلقّى «الفتح» فشلاً إثر آخر، حاولت «فتح الشام»، العمود الفقري لذلك «الائتلاف» المسلح، رفع معنويات مقاتليها. فبعد رهانها الخاسر على تحريض القاضي العام لـ«الفتح»، السعودي عبدالله المحيسني، خرج أمير «فتح الشام»، أبو محمد الجولاني، برسالة صوتيّة «هنّأ فيها بانتصارات الأيام الماضية». ورأى أن «النتائج تتعدّى فتح الطريق عن المحاصرين في حلب»، متوعّداً «تحطيم الجبروت الروسي على أيدي المجاهدين».
رافق «غزوة إبراهيم اليوسف» زخم إعلامي سبق الوضعية الميدانية

ورغم تقدّم المسلحين في بعض النقاط جنوب غرب المدينة في الأيام السابقة، فإنهم يؤكّدون أنه أقل من توقعاتهم وطموحهم، عدا عن أن الجيش والحلفاء بدأوا بعمليات تهدف إلى استردادها، حيث سيطروا على كامل منطقة معامل البرادات، شرقي الراموسة، وسط استهداف سلاحي الجو والمدفعية لنقاط «الفتح» غرب تلتي الجمعيات، والعامرية. وبمواصلة «الفتح» لـ«ملحمته»، يرتفع عدد قتلاه، ليصلوا إلى حدود 400 قتيل، بينهم عددٌ كبير من القادة الميدانيين، وكان أبرزهم أمس المسؤولين العسكريين في «حركة أحرار الشام»، أبو دجانة المهاجر، والآخر في «جبهة النصرة»، «أبو الليث».
ومع انتهاء «الحلقة الخامسة» من مسلسل «الملحمة»، انشغلت «التنسيقيات» وحسابات «الجهاديين»، أمس، بتبرير إخفاقهم، آملين بـ«غزوة» اليوم، من محورٍ آخر، لفكّ الحصار وكسر «الطوق».
أما في ريف حلب الشمالي الشرقي، فقد سيطرت «قوات سوريا الديموقراطية» على قرية منكوبة، شمالي مدينة منبج، عقب مواجهات عنيفة ضد مقاتلي «داعش». وبعد إعلان «قسد» بسط سيطرتها على 80% من المدينة، أول من أمس، أصدر التنظيم تسجيلاً مصوراً عن سير المعارك في المدينة، موضحاً أن اقتحام المدينة «لم يكن حدثاً جديداً». ويظهر التسجيل ثلاث عمليات انتحارية على مواقع «قسد» داخل المدينة.
في غضون ذلك، دارت مواجهات عنيفة بين الجيش ومسلحي «جيش الإسلام» على جبهة حوش نصري، وسط غارات لسلاح الجو استهدفت نقاط المسلحين في مدينة عربين، وبلدات عين ترما وكفربطنا ومديرا وجسرين في الغوطة الشرقية. أما جنوبي العاصمة، وتحديداً في مخيم اليرموك، فقد طالب «داعش» المدنيين القاطنين ضمن مواقع «فتح الشام» بالخروج إلى مناطق سيطرته، إذ منح العائلات مهلة حتى يوم السبت المقبل، قبل أن يُحكم الحصار ويضيّق الخناق على مقاتلي «فتح الشام»، ملمّحاً لعمل عسكري، بحسب «التنسيقيات».
في موازاة ذلك، أفادت وكالة «سانا» بسقوط العشرات من مسلحي «داعش» أثناء تصدّي الجيش لهجومهم على عددٍ من نقاطه في منطقة تل بروك، شمال غرب مدينة دير الزور.
أما في المنطقة الجنوبية، وتحديداً في مدينة بصرى الشام، فقد هاجم عددٌ من المسلحين المحسوبين على قائد «فرقة شباب السنّة»، التابع لـ«الجيش الحر»، أحمد العودة، المدينة، بعد يومين على خروج احتجاجات ضده، وأدّت إلى إصدار «محكمة دار العدل في حوران» قراراً يقضي بوضعه قيد الإقامة الجبرية.
وتمكّن مسلحو العودة من السيطرة على المدينة، وإنهاء حالة «الانقلاب» ضدهم، بحسب توصيف «التنسيقيات»، حيث دخلوا المدينة، واشتبكوا مع «الخارجين» عن طاعة العودة.
إلى ذلك، نعى مقرّبون من «فتح الشام» أول أمير لهم في درعا، «الشيخ المجاهد» منهل حسن أبازيد، إثر سقوط صاروخ على منزله في حي طريق السد، في درعا المحطة. ونقلت مواقع معارضة أن أبازيد تنازل عن إمارة «النصرة»، في درعا، مع وصول «المهاجرين» إليها، وعلى رأسهم العراقي أبو مارية القحطاني.
(الأخبار)