لم يكن انفجار إطار طائرة «إلعال» الإسرائيلية، يوم أمس، عملاً فدائياً يُذكّر بليلى خالد، ولا وبديع حداد، أو حتى بكوزو أوكوماتو؛ الهبوط الاضطراري لطائرة على متنها 128 راكباً غاب تقريباً عن «نقاش» وسائل الإعلام الإسرائيلية، باستثناء تناول قيمته الخبرية الآنية، مع مديح بالغ لـ«الكابتن» ولاستعدادات الدفاع المدني الإسرائيلي في التعامل مع الحادثة.لماذا لم يُناقش الموضوع؟ تلك حكاية تبدأ من «عروش الشيكل» التي يتربع عليها رجال أعمال إسرائيليون، يمتلكون أسهماً في «إلعال»، ويسيطرون على وسائل الإعلام العبرية. ففي منتصف ليل أمس، هبطت طائرة «بيونغ 737» تابعة للشركة الإسرائيلية الشهيرة في مطار اللد، بعد اكتشاف خلل تقني تسبب به انفجار دولابها.
الخلل، الذي اكتشف بعد 20 دقيقة من إقلاع الطائرة، دفع بالطيّار إلى التحليق فوق البحر المتوسط وفوق الضفة المحتلة، بهدف خفض كمية الوقود في خزاناتها قبل أن تحط على الأرض. كما تسبب في إيقاف عمليات هبوط الطائرات في المطار لمدة عشر دقائق من أجل جمع قطع الدولاب الذي انفجر خلال تحليق الطائرة.
برغم الاستعدادات التي شهدتها أرض المطار للهبوط الاضطراري، وتضمنت وصول العشرات من سيارات الإسعاف ومركبات العلاج الطارئ والدراجات النارية ومركبات الطوارئ الأخرى المصحوبة بعشرات الأطباء والمسعفين والممرضين، وبرغم تجهز سيارات الإطفاء بـ11 طاقماً، وتعزيز المكان بقوات كبيرة من الشرطة والعناصر الأمنية، حمل الخبر الذي تناقله الإعلام العبري بعداً آنياً حدثياً فقط، ولم يتطرق إلى الأسباب التي أدت إلى انفجار الدولاب مثلاً، ولا الى الخسائر المادية التي كبدها، كما لم يتطرق إلى حالة 128 راكباً خلال الحدث.
معظم وسائل الإعلام العبرية الرئيسية وغير الرئيسية، عنونت تقريباً العنوان نفسه: «الطائرة التي انفجر دولابها هبطت بسلام في أرض المطار»، في إشارة إلى رحلة رقم LY2653 المتوجهة من تل أبيب إلى كييف. صحيفة «يديعوت أحرونوت»، التي تعتبر واحدة من الصحف العبرية الرائدة، أجرت مقابلات مع الركاب، الذين ظهر من شهاداتهم أنهم «لم يخافوا مطلقاً، بل كانوا يضحكون طوال الوقت، وأن طاقم الطائرة كان رائعاً في تعامله معهم، وخصوصاً أنه استطاع إشعارهم بالأمن».
هذه الشهادة لو وردت على لسان «مجنون» لكان يمكن تصديقها، لكنها وردت على لسان ركاب إسرائيليين يعرف العالم كله كم يخافون في أحداث كهذه، كما يعرف ذلك كل من عاش معهم. لكن «يديعوت» التي يُضخ لها المال من رجل الأعمال الإسرائيلي، أرنون موزس (المساهم في «العال») غابت عنها هذه الحقيقة. أيضاً موقع «واللا» العبري، لم يكتف بتجاهل الركاب وشعورهم، بل ذهب أبعد من ذلك ليسطر ملاحم بطولة طواقم «نجمة داود الحمراء» كما جاءت على لسان مديرها التنفيذي في المقابلة!
إذاً، الفساد الذي ينخر جسد معظم المؤسسات الإسرائيلية لا يختلف عن ذلك الذي يجري الحديث عنه وتناوله عندما يتصل بمؤسسات دول أخرى في العالم، لا تتسم بـ«الديموقراطية» التي تتفاخر بها إسرائيل. لكن ما هو مدهش في حكاية «عروش الشيكل»، ما يوضحه «انفوغراف» نشرته مجلة «العين السابعة» العبرية، أظهرت أن كل «جنكيز» يحكم على رقبة الإعلام الإسرائيلي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، هو في النهاية مساهم ومستثمر في «إلعال»!